ان التفصيلَ في كلام المرحوم الآخوند يختص بالاُصول والامارات القائمة على متعلقات الاحكام،أي يختص بما إذا كان مفاد الأصل التعبد بمتعلّق التكليف،وكان مفاد الدليل الوارد في اعتبار الامارة التعبد بمتعلق التكليف،والمراد به قيود متعلّق التكليف لا تمام متعلق التكليف،نحو حكم الشارع بوجوب الصلاة مع الطهارة من الحدث وطهارة الثوب والبدن،وبطلان الصلاة في أجزاء ما لا يؤكل لحمه من الحيوان،كأن يرتدي شيئاً مصنوعاً منها،أو يحمل شيئاً كساعة مصنوع سوارها من جلد ما لا يؤكل لحمه ويضعها في كيسه فلا يقبل الله تلك الصلاة حتى يصلي في غيرها،ولا فرق في الحكم بين طهارة أجزاء ما لا يؤكل لحمه وبين نجاستها.
والحاصل أنَّ الشارع طلب منا صلاة،ومتعلق الوجوب هو الصلاة المقيدة بالطهارة والمقيدة بالحلية.
وللمرحوم الآخوند تفصيل التزم به في الاُصول الجارية في قيود المتعلق والأمارات القائمة على قيود المتعلق،والتفصيل هو كما يلي:
إذا كان ما يستفاد منه الحكم الظاهري من قبيل قاعدة الطهارة نحو «كل شيء طاهر» أو من قبيل قاعدة الحلية نحو:«كل شيء لك حلال » فإنَّ ذلك يوجب التوسعة في متعلّق الوجوب،مثلاً إنَّ متعلَّق وجوب الصلاة هو الصلاة مع طهارة الثوب والبدن والصلاة في أجزاء مأكول اللحم،ونمثل له بالشبهة الموضوعية ونقول:إذا وجدنا جلداً لا نعلم أنّه مما يؤكل لحمه أم مما لا يؤكل لحمه،كأن شككنا في أنّه مأخوذ من الأرنب أم مأخوذ من الغنم أو قطعنا بتذكيته ولم نحتج فيها إلي سوق المسلمين؛ولكن لم نعلم أنَّ المذكى يكون ذئباً أم غنماً،فإنَّ قاعدة «كلُّ شیءٍ لك حلال» في الشبهة الموضوعية تقتضي حلية الحيوان عند الشك في حلّيته وحرمته.
وإذا وجدنا شيئاً كعباء لا نعلم نجاسته وطهارته،فإنَّ قاعدة «كلُّ شيءٍ طاهر» تقتضي طهارته،و إنَّ قوله «لا صلاة إلّا بطهور» يعم الطهارة من الحدث والخبث بقرينة ما ورد في الذيل من أنّه«يجزيك من الاستنجاء ثلاثة أحجار» فالشارع قال:«كلُّ شيءٍ طاهر» وجعل الطهارة لهذا الثوب الذي وجدته وشككت في طهارته الواقعية ويعني ذلك أنّك أتيت بالمأمور به الواقعي عند الاتيان بالصلاة في هذا الثوب وأنّك صليت في غير ما لا يؤكل لحمه عند الاتيان بالصلاة في الجزء المشكوك كونه من أجزاء ما يؤكل لحمه،ولا يشملك ما ورد في الموثقة من أنَّ الله لا يقبل تلك الصلاة حتى يصلي في غير ما لا يؤكل لحمه.
والحاصل أنَّ ما يستفاد منه الحكم الظاهري في هذا الفرض يوجب التوسعة في متعلق التكليف واستصحاب الطهارة والحلية من هذا القبيل أيضاً.
أما إذا قامت الامارة على أنَّ هذا الجزء من الغنم وصلينا فيه ثم انكشف الخلاف،وعلمنا خطأ الأمارة وأنَّ الجزء الذي صلّينا فيه كان من الذئب،فإنَّ الصلاة غير مجزية.
والحاصل أنَّ الاخوند؟ره؟ استفصل بين الموارد التي تقوم عليها الأمارات الحاكية عن الواقع،والتزم فيها بعدم الإجزاءِ وبين موارد الاُصول كأصالة الحلية والطهارة واستصحاب الطهارة والحلية،والتزم فيها بالاجزاء.
فلیلاحظ التفصيل الذي أبدعه في المقام.
أقول إنَّ الشخص تارة يتمسك بكبرى تحصيل الغرض في وجوب الاحتياط و الاتيان بالفعل الاختياري في أخر الوقت على من شك في الاكتفاءبالاتيان بالفعل الاضطراري في أول الوقت.بيان ذلك:
قد تعرض الاُصوليون ببيان الكبرى في باب الأقل والاكثر الارتباطيين،حيث يكون الواجب مردداً فيه بين الأقل على نحو اللابشرط وبين الاقل على نحو بشرط شيء وهو الاكثر،كما إذا شك في أنّ متعلق الوجوب عشرة أجزاء ومنها السورة بعد الفاتحة،أم أنَّ متعلَّق الوجوب تسعة أجزاء على نحو اللابشرط،وهذه هي المسألة المعروفة بالأقل والاكثر الارتباطيين،والتزم فيها جماعة بالاحتياط تمسكاً بكبرى تحصيل الغرض،كما اشار اليها الشيخ في المكاسب والمرحوم الآخوند في الكفاية.
قالوا:نحن نعلم أنَّ للشارع غرضاً ملزماً ويجب علينا تحصيله،كما إذا لم نعلم أنَّ هذا الغرض والملاك مترتب على الاتيان بعشرة أجزاء أم أنَّ الملاك يحصل بالاتيان بتسعة أجزاء وترك السورة أيضاً،ونحتمل عدم استيفاء الغرض بالاكتفاء بالاقل؛لأنّا نعلم أنَّ للشارع غرضاً ملزماً والواجب ارتباطي،ولا يحصل الغرض بالاتيان بالاقل على تقدير ترتب الغرض على الاكثر؛ولذا يجب الاحتياط بالاتيان بالأكثر لحصول العلم باستيفاء الغرض.
وهذا يسمى بكبرى تحصيل الغرض.