يتمّ الاجزاء عنداحراز تعلّق الامر بالفعل الاضطراري في الوقت كما تقدّم،وإنما الكلام في مقتضى الاصل العملي على تقدير عدم توفر الدليل الاجتهادي بانتفاء الاطلاق في دليل الاضطراري وانتفاء الاطلاق في جانب المأمور به الاختياري،وفي هذا الفرض لا نعلم أنَّ البدار جائز أم لا؛و ذلك لعدم توفر الدليل الاجتهادي حتى يتمسك بإطلاقه.
ثمّ أفاد مطلباً آخر يجب الانتباه اليه.
قال:لا يقال إنَّ العلم بتعلّق الأمر والوجوب بالبدل الاضطراري من موارد العلم الاجمالي الرافض للانحلال،بأن يدعى أنّ وجوب الاقل-وهو الصلاة مع التيمم بعنوانها الخاص-غير معلوم وما نعلمه هو وجوب البدل الّا أنَّ الأمر دائر بين وجوبه بعنوانه،بمعنى أنَّ الشارع حكم بوجوب الصلاة مع الطهارة الترابية على المضطر الفاقد للماء بعنوانها فقط،أم أنَّ الوجوب تعلّق بعنوان الجامع الواجد لللفردين،أي الجامع المنطبق إمّا على المأموربه الاختياري،أو على البدل المنضم إليه المبدل،و هو الجامع المنطبق على البدل و إن كان ينطبق على غير البدل و هو المبدل.
والحاصل أنَّ الامر إمّا تعلّق بخصوص الصلاة مع التيمم بعنوانها لتشریعها على أية حال،أو تعلق بالجامع و لا انحلال عقلاً لهذا العلم الاجمالي بتعلق الامر بالفعل الاضطراري أو بالجامع.
وأجاب عن هذه الشبهة بأن الأمر أو الوجوب متعلق بالبدل الاضطراري،وتعلق الوجوب بالبدل الاضطراري لا يكشف عن تعلّق الوجوب بالجامع؛لأنّ البدل واجب بعنوانه على أي تقدير،وتعلّق الامر بالجامع محتمل.
هذا كلامه في المقام و لم أَرَ وجهاً له.
إذا فرضنا احتمال تعلّق الوجوب التعييني بالبدل الاضطراري حال الاضطرار وأنّه مطلوب للشارع فقط،دار الأمر بين تعلّق الوجوب به وبين تعلّق الوجوب بالجامع المنطبق إمّا على البدل الاختياري في آخر الوقت أو على البدل الاضطراري المنضم اليه المبدل أو على البدلي وحده.فللجامع ثلاثة افراد بناء على امكان التخيير بين الفعلين والفعل الواحد فنحتمل الإجزاء وأنَّ الشارع طلب البدل الاضطراري من دون الانضمام،ونحتمل تعلق الأمر بالجامع الواجد لثلاثة افراد؛أحدها المبدل والثاني البدل الاضطراري وحده،والفرد الثالث البدل الاضطراري المنضم اليه البدل الاختياري،وحينئذٍ يدور الأمر بين التعيين والتخيير.
ولكن المفروض في المسألة هو ما إذا لم نحتمل الوجوب التعييني في البدل الاضطراري؛إذ يجوز للمكلفِ بالقطعِ واليقينِ تأخيرُ الصلاةِ إلى آخر الوقت والاتيان بالصلاة مع الطهارة المائية،وهذا أمر مفروغ عنه حسب الفرض،و انما الكلام يقع في أنَّ إعادة الصلاة تجب أم لا تجب على من أتى بالفعل الاضطراري بقصد الرجاء،أو باعتقاد بقاء الاضطرار إلى آخر الوقت من دون التشريع ثمّ تمكن من الطهارة المائية؟وما هو مقتضى الاصل العملي في هذا الفرض؟وهذا دوران الأمر بين التعيين والتخيير،ونحن التزمنا بجريان البراءة عن تعيين الطهارة المائية وتقتضي البراءة جواز اكتفاء المكلف بالصلاة مع الطهارة الترابية.
نحن قلنا إنَّ للجامع ثلاثة أفراد،والمراد هو الجامع الانتزاعي أو الجامع الاعتباري،كما إذا وضعت كتاباً هنا وكتابين هناك وقلت للمشتري:بعت أحدهما وتخير المشتري بين أخذ أحد الطرفين،والجامع الذاتي ليس بمحل الكلام في المقام.
انتهى الكلام في إجزاء المأمور به الاضطراري عن المأمور به الاختياري وعدم الاجزاء.
الإجزاء في الأوامر الظاهرية
نبدأ الكلام عن باب إجزاء المأمور به الظاهري عن المأمور به الواقعي.
وبداية ننقل كلام المرحوم الآخوند تيمنا وتبركاً.أنَّ للمرحوم الآخوند تفصيلاً في الاحكام الظاهرية،أي فيما يستفاد منه الحكم الظاهري والمأمور به الظاهري،ولعله من مبدعاته ولم يسمع ممن سبقه.
اعلم انه تارة تجري الاصول العملية أو الامارات التي تستفاد منها الاحكام الظاهرية في الاحكام،أي يجري الاصل في الحكم وتقوم الامارة على نفس الحكم الواجد للموضوع والمجعول من قبل الشارع،وبما أنَّ الكلام يدور حول الواجبات والحكم التكليفي،فان الحكم عبارة عن الوجوب المشتمل على متعلّق وهو الفعل وعلى موضوع و هو متعلق المتعلق،وليس محل الكلام الاصول والامارات القائمة على نفس الحكم وهو الوجوب.