ثمّ قال بعد ذلك:تعلّق الوجوب بالبدل على أية حال واُحرز تعلّق الامر به،و هو الصلاة مع الطهارة الترابية حال فقد الماء،إلّا أنَّ الأمر دائر بين انضمام المبدل إلى البدل بعد الاتيان بالبدل ليكون الواجب البدل المنضم اليه المبدل،وبين وجوب البدل منفرداً،ونضيف إلى ذلك مقدمة ليصحّ الرجوع إلى البراءة عن وجوب المبدل لا منضماً ولا منفرداً.
قال:لا ينحل العلم الاجمالي بالانحلال الحقيقي في باب الاقل والاكثر الارتباطيين،كما إذا تردد امر الواجب بين الصلاة المشتملة على تسعة اجزاء بنحو اللابشرط،والصلاة المشتملة على تسعة اجزاء بشرط جزء آخر ليكون الواجب عشرة أجزاء،وقال صاحب الكفاية؟ره؟ أيضاً ان الانحلال فيه خلفي ولا انحلال للعلم الاجمالي فيه عقلاً،وحاول المرحوم الشيخ الانصاري أن يتصوّر انحلال العلم الاجمالي إلى العلم التفصيلي بوجوب الاقل بالوجوب الغيري أو الوجوب النفسي،وأورد عليه المرحوم الآخوند بأنّ الوجوب المتعلّق بالاقل أو المتعلّق بالاكثر لا ينحل عقلاً.
قال:ان الامر تعلق بالاقل في المقام على كل تقدير إلّا ان الأمر دائر بين انضمام الاكثر إليه ليكون الأكثر وهو المأمور به الاختياري واجباً أو لا يجب الانضمام،والمقام لا يقاس بتلك المسألة وينحل العلم الاجمالي فيه.لماذا؟
لأَنَّ الاتيان بالاقل لا ينفع على تقدير وجوب الاكثر في باب الاقل والاكثر لخلو الاقل من الملاك والصحة والوجوب،وهذا بخلاف المقام حيث يصحّ الاتيان بالاضطراري،و هو عدل لاختيار الفعلين على تقدير وجوب الاكثر وترك الفعل الاختياري؛لأنّه مشتمل على الملاك أي أنَّ المفروض اشتمال الفعل الاضطراري على الملاك والصحة،وقد تمّ تعلّق الوجوب به،ويطرأ الشك في تعلّق الوجوب بالفعل الاختياري.
فالعلم بالتكليف في المقام ليس كالعلم في باب التكليف بالاقل والاكثر؛لأنّ العلم بالتكليف لا ينحل هناك،و ينحل العلم في المقام،حيث يكون الاقل واجباً على أي تقدير،ويصح الاتيان به على كل تقدير؛لاشتماله على الملاك والصحة والوجوب وعدم كونه باطلاً وعبثاً،وافتراقه عن باب الاقل والاكثر الارتباطيين،وبالتالي يتحقق الانحلال الحقيقي،ونشك بعد الاتيان بالاقل في أنَّ الاتيان بالفعل الاختياري واجب أم لا،و يتعيّن الرجوع إلى البراءة لتحقق الانحلال العقلي.
انتهى المطلب الثاني في عبارته،ونقلناه حسب استيعابنا له.
ان المفروض الرجوع إلى الأصل العملي ومن الواضح انّ أصل تشريع الفعل الاضطراري في بعض الوقت ليس محرزاً،ونحتمل انحصار التكليف في وجوب الفعل الاختياري،وعدم تعلّق الأمر بالبدل الاضطراري،وعدم تشريعه وخلوه عن الملاك،وأنت تقول:«إن الامر الوجوبي تعلّق بالبدل على أي تقدير،إلّا اننا لا نعلم أنّه يجب انضمام الاختياري اليه،أم انّه لا يجب الاتيان بالاختياري لا منفرداً،ولا منضماً بعد الاتيان بالبدل الاضطراري»
وهذا خلاف الفرض؛لأنّ المفروض عدم العلم بوجوب الصلاة الاختيارية،وبلزوم الاتيان بها في آخر الوقت،ولا دليل على تشريع الصلاة الاضطرارية حال الاضطرار،وما هو مقتضى الاصل العملي لو كنّا نحن واياه؟
انت أخرجت المسألة عن المفروض.
أنت ذكرت أنَّ وجوب الفعل الاختياري وهو الصلاة مع الطهارة المائية محرز.
نعم،إنّ وجوب الفعل الاختياري محرز عند عدم الاتيان بالفعل الاضطراري،ولا كلام فيه،وليس ذلك مجرى للأصل العملي،وإنما الكلام يقع في أنَّ الاتيان بالاكثر واجب وفقاً لمقتضى الاصل العملي،أم غير واجب على من أتى بالفعل الاضطراري حال الاضطرار بنية الرجاء،أو باعتقاد بقاء الاضطرار بنحو غير موجب للتشريع؟
أنت تقول في المقام إنَّ الاقل وهو البدل تعلّق به الوجوب على كل تقدير.
كيف اُحرِزَ تعلّق الوجوب بالبدل على كل تقدير؟
إنَّ جواز البدار في الفرض هو أوّل الكلام.نحن بينّا مجرى الاصل العملي،ولو كان هناك اطلاق في الدليل الاضطراري على جواز البدار لكان أثره العقلي الاجزاء،و لا حاجة للأثر العقلي إلى الأصل العملي.ونحن ذكرنا أنَّ التخيير بين الفعلين والفعل الواحد غير ممكن،وجواز البدار مستلزم للإجزاء عقلاً،وقال المرحوم الآخوند إنَّ التخيير بين الفعلين والفعل الواحد ممكن على تقدير جواز البدار،ويرجع إلى أصالة البراءة عن الاعادة على تقدير عدم توفر الدليل الاجتهادي،والمفروض في الرجوع إلى الاصل العملي انتفاء الاطلاق في دليل الفعل الاضطراري،وعدم توفر الدليل الاجتهادي موجب لعدم العلم بجواز البدار.
نعم،يثبت الإجزاء عقلاً عند العلم بجواز البدار،و بناء على مسلك المرحوم الآخوند يكون البدار مشروعاً إذا ثبت جواز البدار،واحتملنا كون المورد من القسم الثالث،إلّا ان البدار لا يكفي وحده،بل لابدّ من الاتيان بالمأمور به الاختياري في الوقت،ونحن نرجع إلى أصالة البراءة؛ولكن البحث لا ينحصر في هذا الفرض.