انما الكلام في انّه متعين أم لا؟نحن نقول لا يتعين ذلك وفقاً لرأينا القاصر وذلك لجريان حديث الرفع والبراءة عن تعلّق الوجوب بالفعل الاختياري من دون تعارض.
انتهى كلامنا.
وللمرحوم الكمپاني كلام معقد في المقام،و ما فهمنا منه قدر المستطاع هو التزامه بأنّ المقام ليس من قبيل دوران الأمر بين تعلّق الوجوب بالاقل وتعلّق الوجوب بالاكثر،ولا من قبيل دوران الواجب بين التعیين والتخيير حيث لا ينحلّ العلم الاجمالي فيهما عقلاً.و ربما تتذكرون ما ذكره المرحوم الآخوند في الكفاية من ان العلم الاجمالي بتعلق التكليف بالاقل أو الاكثر لا ينحل،وان انحلاله دوري،ولا ينحل العلم الاجمالي في دوران الأمر بين التعيين والتخيير فلا انحلال حقيقة.وقد ذكرنا ان الانحلال حكمي حيث تجري البراءة في طرف دون الطرف الآخر وقد سلّمه المرحوم الآخوند،وقال ان البراءة تجري عن جزئية الشيء المشكوك في باب الاقل والاكثر ويكون الانحلال حكمياً ولا ينحل العلم الاجمالي حقيقة.
قال المرحوم الكمپاني:ان الانحلال حقيقي في المقام،ويعني ذلك جريان البراءة عن وجوب الاختياري من دون تردد والرجوع اليها من دون مانع.
و أقول مقدمة ان المرحوم الكمپاني من الملتزمين بإمكان التخيير بين الفعلين والفعل الواحد وعدم امتناعه،كما التزم به المرحوم الآخوند في الصورة الثالثة ونفى البأس عن إمكانه.
ان الكلام في مقالة المرحوم الكمپاني في الأصل العملي عند الشك في إجزاء المأموربه الاضطراري،وذيّل المرحوم الكمپاني كلام المرحوم الآخوند في الرجوع إلى اصالة البراءة عن وجوب الاعادة،قائلا:اننا نلتزم تارة بعدم جواز البدار إلى المأمور به الاضطراري،وبتعين الاتيان بالمأموربه الاضطراري عند استيعاب الاضطرار لجميع الوقت،وبناء عليه لا يطرأ الشك في وجوب الاعادة؛لأنّ المفروض عدم تمكن المكلف في تمام الوقت إلّا على الاتيان بالمأموربه الاضطراري وأنّه امتثل المأمور به الاضطراري مع استيعاب الاضطرار لتمام الوقت؛ولكن يطرأ الشك في أنَّ قضاء الاختياري خارج الوقت واجب بعد الاتيان بالمأموربه الاضطراري أم لا؟والأصل يقتضي البراءة عن وجوب القضاء؛لأنّ القضاء يتعين بالأمر الجديد كما تقدّم،ولا يدلّ الخطاب المقتضي لمطلوبية الصلاة في الوقت كقوله:«اذا زالت الشمس وجبت الصلاتان،ثمّ أنت في وقت منهما حتى تغرب الشمس» على تعدد المطلوب؛ولذا يكون لزوم الاتيان بالفعل الفائت في وقته خارج الوقت بحاجة إلى خطاب آخر،كما ورد في باب الصلاة قوله:«من فاتته فريضة فليقضها»وبناء عليه يكون موضوع القضاء،فوت الفريضة لا فوت الاتيان على الاطلاق؛لأنّ الفوت ليس بمعنى عدم الاتيان المطلق،بل هو عبارة عن عدم الاتيان بالفعل في وقته مع استلزامه لتفويت الملاك.
إنَّ الفوت هو العدم الخاص والترك الخاص الموجب لفوات الملاك بالمعنى العرفي،ولا يصدق الفوت فيما إذا احتملنا استيفاء تمام الملاك أو معظمه بعد الاتيان بالفعل الاضطراري في الوقت و لا يعمه قوله:«من فاتته فريضة فليقضها»اما على سبيل الجزم أو على نحو الشبهة المصداقية على الأقل،حيث يتمسّك بالعام فيها كما إذا قال:«أكرم العالم» ولم نعلم أنّ هذا الشخص عالم أم جاهل،وفي هذا الفرض لا يمكن الحكم بوجوب اكرامه تمسكاً بخطاب «أكرم العالم»فيتعيّن الرجوع إلى الأصل العملي،والأصل العملي في المقام يقتضي البراءة عن وجوب القضاء.
ولابد من الاشارة هنا إلى مسألة تعم البلوى بها،وهي الشك في الاتيان بالصلاة في وقتها بعد خروج الوقت،حيث اعتبر الشارع عدم الاعتناء بالشك بعد خروج الوقت في موارد جريان قاعدة الحيلولة،وأمّا في الواجبات التي لا تجري فیها قاعدة الحیلولة كالشك في الاتيان بصلاة الآيات بعد انجلاء الشمس فلا جدوى في استصحاب عدم الاتيان مادام الكسوف باقياً بعد اليقين السابق بعدم الاتيان بصلاة الآيات حين تحقق الكسوف والشك في الاتيان بها في الظرف الزماني للكسوف؛لأنَّ موضوع القضاء ليس عدم الاتيان بالواجب في وقته،ولم يرد خطاب دل على أنّ من لم يأتِ بواجبه في وقته فليقضه.نعم،لو كان لدينا خطاب دال على ذلك،لأجدى الاستصحاب،وما ورد في الخطابات هو عنوان الفوت فقط كقوله:«من فاتته فريضة فليقضها» ولا يثبت الفوت باستصحاب عدم الاتيان.نعم،يستلزم عدم الاتيان فوت الملاك وتحقق العدم الخاص؛ولكن لا يثبت عنوان الفوت،وهو العدم الخاص باستصحاب عدم الاتيان المطلق إلى آخر الوقت؛ولذا يرجع إلى أصالة البراءة في هذه المسألة.