انّ الجامع هو الوجوب والتكليف، ولا نعلم أنَّ الشارع حكم بوجوب الفعل الاضطراري أم قام بتشريع الفعل الاختياري والوجوب فعلي أيا ما كان،وكما يستصحب جامع الحدث في المثال ولا يستصحب خصوص الحدث الاكبر،كذلك يستصحب جامع الوجوب في المقام؛لأنّ الاستصحاب يجري في جانب الكلي إذا كان ذا أثر عقلي،كما في الاحكام التكليفية،وهو عبارة عن حكم العقل بوجوب الامتثال وموافقة وجوب الشارع،سواء كان وجوباً واقعياً أم ظاهرياً.
فعلى أية حال يجري الاستصحاب في جانب الكلي،وعلى تقدير عدم جريانه في الكلي يرجع إلى قاعدة الاشتغال بناء على تماميتها فيما إذا علم الانسان بحدوث التكليف،وشك في سقوطه فيتعين الاحتياط في هذا المورد.نحن نعلم أنَّ تكليفاً توجه إلينا،ولم نعلم أنَّ التكليف تمَّ امتثاله بالاتيان بالفعل الاضطراري أم أنَّ التكليف باق بحاله ولابد ان نحرز الامتثال.
والحاصل أنَّ المقام اما مجرى لاستصحاب التكليف أو مجرى لقاعدة الاشتغال أو يكون من موارد دوران الواجب بين التعيين والتخيیر.
انّ من المحتمل تعلّق الوجوب في أوّل الظهر بالصلاة مع الطهارة المائية على نحو التعيين؛ولكن تعلّق الوجوب بالصلاة مع التيمم ليس على نحو التعيين قطعاً؛إذ يجوز للمكلف ترك الصلاة مع التيمم والاتيان بالصلاة مع الوضوء في آخر الوقت،فالأمر دائر بين تعلّق التكليف بالصلاة الاختيارية تعييناً،وبين تعلقه بالجامع للفعل الاضطراري حال الاضطرار،والفعل الاختياري وهو الصلاة مع الوضوء في آخر الوقت بعد رفع الاضطرار.
ومن البديهي أنَّ الوجوب لم يتعلّق بالصلاة مع التيمم في أول الظهر على نحو الوجوب التعييني،بل الوجوب في مقام الثبوت،وفي علم الشارع إما مجعول وثابت لخصوص الفعل الاختياري على نحو التعيين لتكون وظيفة المكلف الاتيان به بعد رفع الاضطرار وعدم تشريع الصلاة مع التيمم في حقه،أو أن الوجوب متعلق بالجامع بين وجوب الفعل الاضطراري و وجوب الفعل الاختياري في مقام الثبوت والتشريع الذي هو عالم جعل الاحكام.
وقال المرحوم الكمپاني إنَّ المقام ليس من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير.
اما على تقدير كون المقام من موارده فالأصل يقتضي البراءة عن التعيين؛لأنّ في التكليف التعييني كلفة زائدة،ويجري فيه حديث الرفع لنفي تعلّق الجعل به،ولا يشمل حديث الرفع تعلّق الوجوب بالجامع بين الفعلين؛لأنّ فيه التوسعة و إن كان مشكوكاً في الحقيقة فيكون رفعه خلاف الامتنان،كما أنَّ البراءة تجري عن وجوب الأكثر في دوران الأمر بين الاقل والاكثر الارتبا طيين؛لأنّ رفعه يوافق الامتنان ولاتجري البراءة عن وجوب الاقل لأنّ رفعه يخالف الامتنان،والمقام من قبيله؛فان الجامع بين الفعلين وإن كان تعلّق الوجوب به مشكوكاً إلّا ان الاختلاف في ناحية المتعلق، والمفروض أنَّ الأمر دائر بين تعلق الوجوب في مقام الثبوت بالجامع بين الفعلين،وبين تعلّقه بخصوص الفعل الاختياري،حيث لا نعلم تعلّقه بخصوص الفعل الاختياري،فيرفع ذلك بالبراءة؛ولا نعلم تعلّقه بالجامع؛فلا يرفع بالبراءة؛لأنّ رفعه خلاف الامتنان،ويتمّ ما ذكره المرحوم الآخوند من الرجوع إلى البراءة.
وفي المقام مسألة يكشف حلها عن كون المقام من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير،وسنتحدثُ عنها،وعن كلام الكمپاني القائل بأنّ المقام ليس من موارد دوران الأمر بين التعيين والتخيير ونبين الدليل في كلامه على ذلك،ولابد من التذكير بمطلب لإيضاح ما يتعلق بالمقام من هذه الجهة،وهو عبارة عن عملين مندرجين في طبيعة كصلاة القصر والتمام، أو غير مندرجين في طبيعة،كالصيام والتصدق بمدّ من الطعام في حقّ الشيخ الذي تمكن من الصوم،وكان فيه حرج،فهو مخير بين الصيام (وَ أَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ)و بين الافطار،واعطاء مدّ من الطعام لكل يوم،و ليس عليه تكليف تعييني، والعملان لا يندرجان تحت عنوان واحد؛لأنّ الصوم هو الامساك من المفطرات،والتصدق بمدّ هو إعطاء الكفارة،وهذا بخلاف صلاة القصر في حق المسافر،وصلاة التمام في حق الحاضر،فإنهما مندرجان تحت عنوان الصلاة.