الدرس ۳۴۴- تكملة البحث في انتفاء التكليف بالصلاة الاختيارية مادام الاضطرار باقياً

التزمنا في القسم الثاني من استصحاب الكلي باشتراط وجود أثر للكلي وقبوله للترتب و ان تمّ ترتبه بعدم ترتب الاثر المترتب على خصوص الفرد الطويل.

فعلى سبيل المثال لا يجري الاستصحاب في جانب عدم خروج البول عند تردد البلل الخارج من المتطهر من الحدثين بين البول والمني لانتفاء أثر هذا الاستصحاب وانّه محدث قاطع بعدم صحة صلاته في هذه الحالة وأصل عدم خروج البول لا يثبت خروج المني والأصل المثبت ليس بحجة الّا ان مفاده انتفاء الحدث الاصغر ولكن لا يوجب ذلك جواز الصلاة لانّ عدم جواز الاتيان بالصلاة مقطوع حال خروج البلل المردد وامّا استصحاب عدم خروج المني فهو جار؛لما فيه من الأثر كحرمة المكث في المساجد على من خرج منه المني وحرمة الدخول إلى المسجد الحرام ومسجد النبي(ص) وإن دخل عابرا يقتضي استصحاب عدم الجنابة انتفاءالجنابة وجواز المكث في المسجد ولا يخفى ان عدم جواز الدخول في الصلاة لا يترتب على الجنابة وحدها بل هو حكم للمحدث،سواء كان محدثاً بالحدث الاصغر أم كان محدثاً بالحدث الاكبر،فعدم جواز الدخول في الصلاة ليس أثراً خاصاً للجنابة ولا أثراً خاصاًللحدث الاصغر،بل هو مترتب على طبيعي الحدث؛ولذا يجري استصحاب بقاء طبيعي الحدث بعد التوضؤ،ويقتضي ذلك عدم جواز الدخول إلى الصلاة، فلابد لهذا الشخص من الاغتسال،ولا تثبت باستصحاب الحدث الجنابة،بل يجري ذلك ليتم إحراز الطهارة التي هي شرط للصلاة،ويجري استصحاب عدم الجنابة إلى جنب استصحاب بقاء الحدث،فنقول:هذا الشخص ليس مجنباً ولا يتلبس بالآثار الخاصة للجنب،فيجوز له المكث في المسجد؛ولكن لا يجوز له الدخول إلى الصلاة قبل الاغتسال،ويقتضي استصحاب الحدث كون الشخص محدثاً.وما ذكرناه هو مراد الشيخ في الرسائل حيث قال بترتب الآثار الخاصة لعدم حدوث الفرد الطويل، وعدم جواز الدخول في الصلاة بالرغم من ذلك،وهذا هو الصواب.

والحاصل ان الاستصحاب يجري في جانب الحدث وفي جانب عدم حدوث الفرد الطويل بناء على جريان القسم الثاني من استصحاب الكلي كما عليه المشهور.

وإذا لم يكن لكل من الفرد الطويل و الجامع أثر خاص،بل كان لكليهما أثر واحد،لم يبق وجه لاستصحاب الجامع على تقدير جريان الأصل في جانب عدم حدوث الفرد الطويل؛لأنّ أثر الجامع هو نفس أثر الفرد الطويل ولا أثر للجامع سوى أثر االفرد الطويل،ولا يمكن استصحاب بقاء الجامع بعد نفي أثر الفرد الطويل بالاستصحاب لتعارض الاستصحابين وتساقطهما،أو لكون استصحاب الجامع محكوماً،واستصحاب عدم حدوث الفرد الطويل حاكماً،على ما سيأتي الكلام عنه ان شاء الله،والمتيقن هو عدم جريان الاستصحاب في جانب الجامع على تقدير اتحاد الاثر للفرد الطويل مع أثر الجامع،كما في المقام.

ان المستصحب في المقام هو التكليف الشرعي وللتكليف أثر عقلي و هو وجوب الاتباع،سواء كان التكليف محرزاً بالعلم أم محرزاً بالأصل،و وجوب المتابعة أثر عقلي أعم و لا يختص بالوجوب الواقعي،فالعقل يحكم بوجوب اطاعة أمر المولى سواء كان أمراً واقعياً أم أمراً ظاهرياً عند احتمال المصادفة للواقع والعقل لا يفرق بينهما،وعليه يجري حديث الرفع في جانب تعلّق الوجوب بالفعل الاختياري،كما يجري في جانب تعلق الوجوب بالاكثر في الاقل والاكثر الارتباطيين،ويعني ذلك المعذرية و ارتفاع العقاب على تقدير تعلّق الوجوب بالاكثر في الواقع أو تعلّق الوجوب بخصوص الفعل الاختياري في الواقع،ولا يجري استصحاب بقاء طبيعي الوجوب الجامع بين وجوب الفعل الاضطراري و وجوب الفعل الاختياري؛لأنّي عالم بايجاد الجامع أول الظهر وأنّه وجب فعل عليّ،والأمر دائر فيه بين كونه اضطرارياً أو اختيارياً،والوجوب ممتثل على تقدير كون الواجب هو الاضطراري؛لأني أتيت به كما هو المفروض،والشارع رخص في المخالفة لجريان البراءة على تقدير كون الواجب الفعل الاختياري،فينتفي طبيعي الوجوب اما بالتعارض أو لحكومة الوجوب على ما سيأتي ايضاحه.

و من التزم بجريان استصحاب طبيعي الوجوب الجامع بين الوجوبين في المقام،فقد التزم باستصحاب بقاء الوجوب في باب الاقل والاكثر الارتباطيين عند الشك في سقوط الوجوب بعد الاتيان بالاقل.

ولكن لا يجري ذلك لأنّ الفرد الطويل هو تعلّق الوجوب بالاكثر وبالفعل الاختياري و لا أثر للجامع سوى أثر الفرد الطويل،و قد رخص الشارع فيه وحكم بالمعذرية على تقدير وجوبه في الواقع،و سقط وجوب الاقل والفعل الاضطراري بالاتيان،ولم يبق أثر لجامع الوجوب،و لا يقاس ذلك بطبيعي الحدث و لزوم الطهارة للصلاة.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

دکمه بازگشت به بالا