تقدم أنَّ الاطلاق في كلامه محمول على الاطلاق المذكور في عبارته،وأنَّ المراد بالالف واللام العهد،وأما على تقدير انتفاء الاطلاق فيرجع إلى الاصل العملي،وهو يقتضي البراءة عن الاعادة،والبراءة عن الاعادة تقتضي البراءة عن إيجاب القضاء بطريق أولى فيما إذا احتملنا كون المورد من قبيل الصورة الثالثة،و وجوب القضاء بعد الوقت لتداركِ الباقي من المِلاك،لأنّ القضاء يتحقق بتكليف جديد وأمر حديث،فإذا لم يصل الظهر والعصر إلى آخر الوقت،توجه اليه التكليف بـ«اقضِ ما فات»ونشكُّ في المقام في توجه التكليف بالقضاء إلى هذا الشخص بطريق أولى إذ ليس في البين إلّا خطاب «اقض ما فات» ولم يُحرزْ صدقُ الفوتِ على صلاتي الظهر والعصرِ بالنسبةِ إلى مَنْ تَمكن من الصلاة الاختيارية بعد خروج الوقت؛لأنّ من الممكن اشتمال المأمور به الاضطراري على تمام ملاك الاختياري،والمفروض أنَّ المضطر أتى بالاضطراري،والفوت ليس عبارة عن عدم الاتيان بنحو مطلق،بل الفوت عبارة عن عدم الاتيان الموجب لارتفاع المصلحة وعدم استيفائها،ومن المحتمل استيفاءُ المصلحة في المقام فيرجع إلى البراءة إلّا إذا اطلق المولى وصرّح بايجاب قضاء الصلاة الاختيارية الفائته في وقتها وان لم يكن المضطر مكلفاً بها و رغم استيفاء غرضها وتدارك ملاكها بالاتيان بالاضطراري؛ولكن جعل الموضوع،وجوب القضاء على الاطلاق لا يكون الّا فرضاً وخيالاً؛لأنّ الموضوع في الواقع الخارجي هو الفوت،والمفروض عدم إحراز الفوت فيرجع الى البراءة.
قال صاحب الكفاية:«وبالجملة فالمتبع الاطلاق» بمعنى أنَّ المتبع ، اطلاق دليل الاضطرار الشامل لكفاية طرو الاضطرار في بعض الوقت،كما في الآية أو الاطلاق المفيد للتسوية في الفراغ أو في الملاك،وأما إذا لم يكن إطلاق في البين فالمرجع الاصل العملي.
قال المرحوم البروجردي:لا يتم ذلك؛إذ لابد من الأخذ بإطلاق خطاب الاختياري،والحكم بلزوم التدارك وعدم الإجزاء على تقدير تعدد التكليف والخطاب وانتفاء الاطلاق في خطاب الاضطراري،ولا وجه للرجوع إلى الاصل العملي،كما إذا لم نتمكن من تغسيل الميت فيممناه،وكفّناه وصلينا عليه،وحفرنا حفرة وتحملنا المتاعب ودفناه وقد اُخرج بعد مضي شهر من دون تفسخ أعضائه،وفرضنا انتفاء الاطلاق في دليل تيمم الميت «لا دليل التيمم للصلاة فإنَّ دليله مطلق» والمطلوب في باب تغسيل الميت ليس عنوان الطهارة المعتبرة في مثل الصلاة حيث قال:«لا صلاة الّا بطهور» أي لم يتعلّق التكليف بعنوان الطهارة في باب تغسيل الميت،بل ورد الأمر بتغسيله بنحو مطلق كقوله:«غُسْلُ الميتِ واجب» أو «غَسِّلُوه» والحاصلُ انه لا يوجد الاطلاق المفيد للتسوية في الملاك أو في الفراغ،ولا الإطلاق المفيد لكفاية الاضطرار لبعض الوقت في دليل تيمم الميت «لأنّ التيمم حصل في الوقت لعدم جواز التأخير الخارج عن الحد المتعارف في تجهيز الميت،وعليه نتمسك بإطلاق قوله :«غسل الميت واجب» أو «غَسِّلوا موتاكم» والمفروض أنَّ الميت لم يغسَّل.
و المرحوم الآخوند وثَبَ في عبارته وقال:«وبالجملة فالمتبع االاطلاق لو كان،والّا فالأصل العملي» ولا يتم كلامه.
أقول:إنَّ الاشكال وارد على تقدير إرادة السنخين المذكورين من الاطلاق في كلامنا،لأنّ اطلاق دليل الاجزاء-على ما بيّناه-يقيد الإطلاق في خطاب المأمور به الاختياري،وعلى تقدير انتفائه فالمتبع هو الاطلاق الموجود في المقام –وإن توفر في خطاب المأمور به الاختياري فلابد من الحكم بالاعادة،ولا وجه للرجوع إلى الأصل العملي.
«نحن لا نلتزم بما ذكر في المثال من الاقتضاء؛لأنّ دليل تيمم الميت بدل الغُسْل ظاهر في التسوية،ولا نحكم بالاحتياط كما حكم به السيد(ره) في العروة».
فالمتبع هو إطلاق دليل المأمور به الاختياري على تقدير انتفاء الاطلاق في دليل الإجزاء؛ولكن لم يقيّد المرحوم الآخوند «الاطلاق» في كلامه بـ«الاطلاق السابق» بل «الاطلاق»في كلامه مطلق شامل لإطلاق الدليل المستفاد منه الإجزاء وإطلاق دليل المأمور به الاختياري المقتضي للاتيان به وعدم الاجزاء،والمرجع هو الاصل العملي على تقدير انتفاء الاطلاقين،والاصل العملي يقتضي البراءة عن الإعادة وعن القضاء بطريق أولى.
فهل يتم مطلب الكفاية أو لا يتم ذلك ؟سيأتي بيانه إن شاءالله تعالى.