بسم الله الرحمن الرحیم
انّ عمدة الاختلاف راجعة إلى دليل الفعل {الاضطراري}وما يستفاد منه من الاجزاء، أو عدم الاجزاء.فنقول:هل يستفاد من دليله ان التكليف الاختياري ليس ثابتاً لمن صار مختاراً بعد الاتيان بالفعل الاضطراري وان الفعل الاضطراري يجزي عنه والمكلف بالاختياري هو التارك للاضطراري؟ولا فرق في المسألة بين أن يكون التكليف الاختياري تكليفاً أدائياً أو قضائياًأو كالتكليف الادائي والقضائي ولا فرق فيها بين دخول الفعل الاضطراري والفعل الاختياري في عنوان واحد وبين تعدد العنوان كما إذا كان أحدهما حجاً والآخر عمرة أو كان أحدهما عتق رقبة والآخر اطعام ستين مسكيناً أو كان أحدهما صيام ثلاثة أيام والآخر عتق رقبة.
فعلى سبيل المثال اذا كان المكلف صاحب الجبيرة ولم يتمكن من غسل البشرة والمسح على الجبيرة وتوضأ وضوء الجبيرة لمدة شهر أو شهرين وفي يوم ما صلّى صلاتي الظهر والعصر وجاء إلى طبيبه فبشّره بانه طاب ولا حاجة إلى الجبيرة بعد ذلك ثم دخل وقت صلاة المغرب، فقد وقع الكلام في كفاية وضوئه الاضطراري وعدم كفايته.فهذا الشخص كان محدثاً بالحدث الاصغر ومكلفاً بالوضوء الاضطراري سابقاً والمفروض عدم صدور حدث منه.وهنا يقع الكلام في ان وضوءه السابق حال الاضطرار هل يجزي عن الوضوء الاختياري وانه غير مكلف بالوضوء الاختياري وإن دخل تحت عنوان المتمكن منه؛لأنّه ممتثل للفعل الاضطراري أو لا جدوى في وضوئه السابق وإن لم يحدث ولابد له من التوضؤ بالوضوء الاختياري؟
هذه مسألة تعم البلوى بها والعنوان فيها واحد وهو الوضوء؛لأنّ كلا من الفعل الاختياري والفعل الاضطراري،وضوء.
وقد يكون العنوان متعدداً كما إذا تأخر دفن الميت لفقد الماء ولم يجد ذووه ماءً فيمّموا الميت وكفنوه وصلوا عليه ودفنوه وبعد عشرة أيام أو شهر اُخرج الميت ولم يعلم انه كان بفعل ادمي كلصّ أراد سرقة كفنه أو بغير ذلك ولم تبث منه رائحة لبرودة الجو مثلاً،وفي هذا الفرض هل يجب تغسيله فعلاً؛لأنّ الميت لم يغسّل لفقد الماء وكان التكليف السابق،التيمم والآن تمكنوا من تغسيله للدخول في العنوان الاختياري أو ان تشريع التيمم السابق يلازم كفايته فلا حاجة الى تغسيله بل يجب دفنه خاصة؟
وليس المفروض في باب إجزاء المأمور به الاضطراري عن الواقعي،تعدد التكليف في حق مكلف واحد حال الاضطرار ونستخرج من عبارة الكفاية تعدد جعل التكليف وتعلق احدهما بالفعل الاضطراري وتعلق الآخر بالفعل الاختياري لتعدد الموضوع والتكليف مجعول بنحو القضية الحقيقية والكلام يقع في المكلف الذي كان داخلاً في عنوان الاضطرار و وجب عليه الفعل الاضطراري خارجاً فأتى به ثم ارتفع الاضطرار ودخل في عنوان الاختيار،وعندئذٍ هل يستفاد من دليل الاضطرار بانه ليس مكلفا بالاختياري وان دخل في عنوان المختار وان المكلف بالاختياري،هو التارك للاضطراري لا الممتثل له أو لا يستفاد هذا المعنى من الدليل الدال على الاتيان بالمأمور به الاضطراري؟
تقدمّ ان في مقام الثبوت صوراً أربع وليست هناك ملازمة بين تشريع الفعل الاضطراري في جميع الصور وبين عدم ثبوت الحكم الاختياري للمضطر بعد دخوله في عنوان المختار كما ان الاتيان بالفعل الاضطراري في الصورة الثالثة بعد تشريعه موجب لاستيفاء بعض الملاك وبقاء الباقي اللازم استيفاؤه ويستلزم ذلك توجه التكليف بالفعل الاختياري إلى المضطر بعد دخوله في عنوان المختار،ولا فرق فيه بين كون التكليف بالفعل الاختياري من قبيل الاداء أو من قبيل القضاء خارج الوقت أو كونه كالاداء والقضاء في مثل الميت الذي دفن بالتيمم لفقد الماء واُخرج بعد مضي شهر من دفنه.
وجميع فروع المسألة تبتني على ما سأُبينه في باب الاجزاء.
ذكرت ان البحث ينصب في ان المأمور به الاضطراري هل يجزي عقلاً عن الاختياري لكي لا يتوجه تكليف المختار إلى المضطر أم لا؟وقد تقدّم أنّ عمدة الاختلاف ترجع إلى الصغرى،وهي دلالة الدليل،كما نبه عليه المرحوم الآخوند،ولو تمّت دلالة الدليل بالنحو الاتي بيانه لحكم العقل بالإجزاء،والمراد هو وقوع الاختلاف على الاغلب في دلالة دليل المأمور به الاضطراري ودليل المأمور به الظاهري على ما سيأتي إيضاحه.