بسم الله الرحمن الرحیم
وعلى المفروض يكون الاعتبار في مقام الثبوت بنحو القضية الحقيقية لا الخارجية،ولا شأن للشارع بأشخاص المكلفين،بل الشارع يلاحظ العناوين كعنوان المضطر عن القيام أو العاجز عن القيام أو المتمكن من القيام،وقد ينطبق عنوانان على مكلف واحد بحسب عمود الزمان،كما إذا تمكن العبد من عتق رقبة مؤمنة و وجب عليه عتقها؛ولكن لم يجد رقبة مؤمنة في السوق بعد ذلك وعجز عن عتقها فلا يجب عليه عتقها؛لأنه تكليف بما لا يطاق،بل لابد أن يكون متعلق وجوب الرقبة في حقه رقبة غير مؤمنة،والعنوان ينطبق على الشخص بعد تعدد متعلَّق التكليف وتعدد التكليف في مقام الثبوت،واعتبار المجعول بنحو القضية الحقيقية.
وجدير بالانتباه أنه لا يعتبر استقلال الخطاب في مقام الاثبات.ان توجه خطاب كقوله:«أقيموا الصلاة»أو «من أفطر في نهار شهر رمضان فعليه عتق الرقبة» إلى كافة المكلفين لا ينافي تقييده في خطاب آخر كقوله :«من وجد مؤمنة فلیعتقها» لیجب عتقها على بعض المكلّفین أو كقوله:(وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ) ليجب استقبال القبلة على المتمكن منه،أو كما ورد قوله؟ع؟:«لا صلاة إلّا بقيام» وأمثال ذلك؛لأنَّ الدليل دل على أنَّ الصلاة لا تسقط بحال،فيقيد وجوب الصلاة عن القيام بالتمكن من القيام،ويقيد وجوب الصلاة إلى القبلة بالتمكن من استقبال القبلة.
لكنه قال؟ره؟ هذا ليس بقيد،وإنما هو بيان للفرد.وینبغي الانتباه إلى كلامه ؟ره؟انه قال:إنَّ الصلاة عن الجلوس ليست بالصلاة في حق المتمكن من القيام لا أنها صلاة مجردة عن القيد وإنَّ الصلاة إلى غير القبلة ليست بالصلاة في حق المتمكن من استقبال القبلة،وقد ذكرنا أنَّ ذلك يبتني على الالتزام بالسبب والمسبب في باب الصلاة أو الالتزام بالعنوان البسيط الانتزاعي من الأمر بالصلاة،وقد أبطل ؟ره؟ المسلكين في مبحث الأعم والصحيح،واختار المسلك الصحيح،والتزم بأنَّ الصلاة عنوان منطبق على نفس الأفعال الخارجية،وليست جامعاً عنوانياً،بل إنها اسم لنفس المركب ولا يعقل أن يصدق على خصوص الافراد الصحيحة أي يستحيل اختصاص الجامع المنطبق على المركب بالافراد الصحيحة؛إذ لا يمكن أخذ الجامع إلّا برفض الخصوصيات والغائها،كما نبه عليه صاحب الكفاية بقوله:«وينطبق على الصحيح والفاسد».
إنَّ قوله تعالى 🙁أَقِيمُوا الصَّلاَة) متضمن لتعلّق التكليف بالطبيعة في مقام الاثبات؛ولكنه لا يدل على وحدة التكليف في مقام الثبوت.نعم،لو لم يرد قيد لكشف الخطاب في مقام الاثبات عن وجوب طبيعي عتق الرقبة على كافة المفطرين في نهار شهر رمضان و وحدة متعلق الوجوب في حق كافة المكلفين بلحاظ مقام الثبوت؛ولكن يمنع تقييد مقام الاثبات من الالتزام بنفي العتق عند عدم التمكن من عتق المؤمنة،كما لا يمكن الالتزام بنفي الصلاة عند فقدها لشرط من الشرائط؛لأنَّ الجامع منطبق على المركب،وإذا ورد قيد وانضم الخطاب العام في مقام الاثبات كقوله:(أَقِيمُوا الصَّلاَة) أو «على المفطرين عتق الرقبة» إلى الخطاب المقيِّد الوارد،فقد استُفيد تعدد الحكم،لا وحدة الحكم منهما؛لأنّ تعدد المتعلّق موجب لتعدد الحكم.
لا تسالم في باب التيمم عند توجه أمرين إلى مكلف واحد فيما إذا كان الاضطرار موضوعاً في بعض الوقت لا تمام الوقت،وتوجه الأمر بالصلاة مع التيمم الى المضطر،ولو في بعض الوقت،وهناك تسالم في باب القيام حيث يأتي العاجز عن الجلوس في بعض الوقت،بالصلاة عن الجلوس،وإذا كان متمكناً من القيام والاتيان بالصلاة قائماً وترك صلاتي الظهر والعصر مثلاً وأجلهما إلى وقت لاحق،واصیب بعد ذلك بالظهار ولم يتمكن من القيام،لم يتوجه اليه التكليف بالصلاة عن القيام حال العجز؛لانّه تكليف بما لا يطاق،بل تجب عليه الصلاة عن القعود،كما كان الواجب عليه الصلاة عن القيام حال التمكن منه.فتوجّه تكليفان الى مكلف واحد في وقت واحد.
ان الكلام يقع في أنَّ المأموربه الاضطراري المأتي به في هذا الوقت هل يجزي عن التكليف السابق بالمأمور به الاختياري؟لأنّ المكلف لم يمتثله وامتثال الاضطراري هل يجزي عن قضاء الاختياري؟
وذكرنا أنَّ المبحث في باب الصلاة مما تسالم عليه الفقهاء؛لقيام الاجماع والضرورة على عدم وجوب الأزيد من الفرائض الخمس في اليوم والليلة،ولا تسالم في غير باب الصلاة،كما سيأتي تفصيله. فنحن نفرض المسألة عند توجه أمرين إلى مكلف واحد في غير باب الصلاة.