بسم الله الرحمن الرحیم
موضوع: تکمله بحث فی أنّ وحده الأمر یسقط التکلیف بالإتیان بفرده فی الصور الأربعه
نقلنا دعوى ان الصلاه طبیعه واحده ولا اختلاف فی نفس الطبیعه وهی المطلوبه من قبل الشارع وانما الاختلاف فی الافراد وقد یکون الشیء فرداً للصلاه فی حال ولا یکون فرداً لها فی حال اخرى، وهذه الدعوى تبتنی على تصور جامع واحد للافراد الصحیحه للصلاه لینطبق على الاجزاء والشرائط فالمراد بالجامع الجامع الانطباقی،لا الجامع من باب المحصِّل «بالکسر» والمحصَّل «بالفتح» فعلى سبیل المثال تلزم فی باب الطهاره من الحدث بان الطهاره من الحدث حاله عارضه على نفس الانسان کما علیه المشهور ویطابق العرفان أیضاً ویختلف الموجد لهذه الطهاره فی النفس باختلاف الاسباب فلابد للمحدث بالحدث الاکبر من الغسل الموجد للطهاره ولابد للمحدث بالحدث الاصغر من الوضوء ولابد لمبتور الاعضاءأو من کان فی أعضاء وضوئه جبیره من وضوء الجبیره ولابد لفاقد الماء من التیمم.فالاختلاف فی الاسباب لا فی المسبب لأنّ المسبب واحد تقیدت الصلاه به.
وبعباره اُخرى ان فی الخارج وجودین وجود للسبب و وجود للمسبب ویعبرّ عن المحصِّل «بالکسر»بالسبب وعن المحصّل «بالفتح»بالمسبب،والمسبب قید للصلاه کما قال :«لا صلاه الّا بطهور»فان الطهاره قید للصلاه وکل من الوضوء والغسل والتیمم و وضوء الجبیره وغیره موجد للطهاره الجامعه بین التیمم والغسل و وضوء الجبیره وغیر ذلک من الاغسال لأنّ الطهاره تحصل بکل منها ولکن الجامع هنا،محصَّل «بالفتح»ولیس جامعاً انطباقیاً فالطهاره لا تنطبق على الوضوء لأنّ الوضوء لیس بطهاره بل انّه موجد للطهاره.
ومن هذا القبیل باب تذکیه الحیوان على ما هو المعروف من ان التذکیه حاله تحصل للحیوان بالذبح وتفریغ دمه وتختلف أسباب التذکیه فقد یتم الذبح بالسکین والاستقبال بالذبیحه،وبه تحصل تلک الحاله للحیوان وقد یتم الذبح بغیر السکین حال العجز فتقطع الاوداج الاربعه بکل ما یصلح لذلک کالحجاره الحاده أو الخشبه الحاده وقد یتعذر الاستقبال بالذبیحه لوقوع الحیوان فی حفره لا یمکن إخراجه منها فیتم ذبحه متّجهاً نحو المشرق مثلاً،ولا بأس بذلک فالاختلاف فی جانب السبب والمحصِّل «بالکسر» ولا مدخلیه للاسباب فی أکل الحیوان،بل الذکاه هی الحاله التی لها مدخلیه فی حلیه أکل الحیوان کما قال الله تعالى:(إِلاَّ مَا ذَکَّیْتُمْ)
وقد تقدّم فی مبحث الصحیح والاعم ان باب الصلاه لیس من قبیل السبب والمسبب والمحصِّل والمحصَّل أی لیست الصلاه أمراً بسیطاً وحاله خاصه مسببه عما یؤتى به فی الخارج من الرکعات،وقد اتفق الجمیع على ذلک.ان الصلاه المتلقاه من الشرع اسم لنفس الافعال عند ارتکاز المتشرعه.
ان صلاه الظهر أربع رکعات والرکعات الاربع هی بنفسها صلاه الظهر لا أنَّ صلاه الظهر تحصل بأربع رکعات وتسبب عنها،فلم یلتزم أحد بأنّ فی باب الصلاه أمراً مسبباً عن الاسباب وحاصلاً بالافراد،بل لابد فی باب الصلاهمن جامع انطباقی ینطبق على الافعال الخارجیه ویقال:«هذه صلاتی صلیتها لربی» والصلاه تنطبق علیها.
ودعوى وحده المطلوب من کافه المکلفین وتعلّق الطلب بالواحد تبتنی على فرض جامع منطبق على خصوص افراد الصحیحه،ولیس المراد انطباقه فی مقام التسمیه لیقول الصحیحی إنَّ لفظه الصلاه موضوعه للجامع المنطبق على خصوص الافراد الصحیحه،بل المراد هو تصور الجامع فی مقام تعلق الأمر.
لابد من جامع انطباقی ینطبق على خصوص الافراد الصحیحه فی مقام تعلق الامر،وقد تقدم فی باب الصحیح والاعم استحاله تصوره؛لأنّ الجامع لا یکون قابلاًللانتزاع بناء على ملاحظه خصوصیات الافراد الصحیحه،والجامع یقبل الانتزاع بناء على الغاء خصوصیات الافراد الصحیحه؛ولکنه ینطبق على الافراد الصحیحه والفاسده،ولا شق ثالث فی البین وبناء على انطباقه على الافراد الصحیحه والفاسده لا یمکن القول بان صلاه العاجز عن القیام لا تعد فرداً للطبیعه حین التمکن من القیام؛لأنّ خصوصیه القیام غیر مأخوذه .
فدعواه تبتنی على تصور جامع وإذا لم یمکن تصور الجامع -کما قرر فی محله-تعدد المتعلق لا محاله،وکان المطلوب من العاجز عن القیام،رکعات غیر مقیده بالقیام،والمطلوب من القادر على القیام رکعات مقیده بالقیام،وعلیه لابد للشارع أن یصنّف المکلف إلى العاجز عن القیام،فیأمره بذات الرکعات،وإلى القادر على القیام،ویأمره بالرکعات المتصفه بالقیام.
فهل یعقل وحده الحکم مع تعدد المتعلَّق؟