إنّ حمل الميتة وأجزائها وحمل ما لا يؤكل لحمه واجزائه في الصلاة موجب لبطلانها،كحمل ساعة لها سوار من جلد ما لا يؤكل لحمه في الصلاة،ويستفاد ذلك من موثقة ابن بكير حيث حكم الامام؟ع؟ بفساد الصلاة في وبر ما لا يؤكل لحمه وشعره وجلده وبوله وروثه،ويشمل الحكم الحمل أيضاً،فلا يقبل الله تلك الصلاه حتى يصلي في غيره،والمراد بعدم القبول في موثقة ابن بكير ونظائرها بقاء التكليف وعدم الاجزاء.
وجدير بالذكر ان القبول إما يكون في مقام الاجزاء وسقوط التكليف،وإما يكون في مقام اعطاء الأجر،ويقابله عدم القبول بمعنى بقاء التكليف،وعدم الإجزاء وعدم القبول بمعنى عدم إعطاء الأجر،كما لا يعطی الأجر لمن أتى بالواجب التوصلي كأداء الدين من دون قصد القربة ولغرض دنيوي.
وقد وقع الخلاف في المراد بعدم القبول في بعض الروايات،و هل هو بالمعنى الاول أو بالمعنى الثاني؟ومنها الروايات الواردة في عدم قبول العمل المأتي به من دون الولاية،حيث ذهب المشهور إلى أنَّ الولاية شرط لصحة الاعمال،والمراد بالقبول في تلك الروايات القبول في مقام الإجزاء،وقد صرّح أحد أساتذتنا بأن ظاهر قوله؟ع؟:«ما كان له على الله حق في ثوابه» القبول في مقام إعطاء الأجر خلافاً للمشهور.
والحاصل أنَّ عدم القبول في مثل موثقة ابن بكير يكون بمعنى بقاء التكليف وعدم الإجزاء بقرينة قوله؟ع؟ «حتى يصلّي في غيره» وذلك لدلالته على لزوم إعادة الصلاة،ولا تجب الاعادة في عدم القبول،بمعنى عدم اعطاء الأجر كأداء الدين بغير قصد القربة ولغرض شخصي،كالحصول على حسن السمعة.
وظاهر الروايات أنَّ الميتة محكومة بحكم غير المذكى في بطلان الصلاةبحملها فيها،ولا دليل على أنَّ حمل عين النجس أو المتنجس موجب لبطلان الصلاة،وبناء على ذلك صحت الصلاة في الثوب المتلطخ بالأجزاءالترابية لمثل العذرة اليابسة وفقاً لمقتضى القاعدة من غير حاجة إلى نفضه؛لأنّ الثوب غير متنجس،وإنما هو حامل للأجزاءالنجسة أو المتنجسة؛ولكن في المقام صحيحة تدل على نفض الثوب اليابس الحامل لأجزاء النجس أو المتنجس قبل إقامة الصلاة،ويستفاد من مدلولها أنَّ الحمل بتلك الكيفية مانع عن الصلاة،وبما أنَّ المتعين الاقتصار في ذلك على مورد الصحيحة،وهو الحمل بالكيفية الواردة في الصحيحة،فلا يتعدى منه إلى الحمل بغير تلك الكيفية،كما إذا وضع منديلا متنجساً في كيسه،وصلى أو احتضن طفلاً يابساً متنجساً في الصلاة.
وإليكم نصّ الصحيحة
صحيحة علي بن جعفر
صحيحة علي بن جعفر،وهي الرواية ۱۲في الباب ۲۶من أبواب النجاسات.
روى علي بن جعفر في كتابه عن أخيه؟ع؟:«عن الرجل يمرّ بالمكان فيه العذرة فتهب الريح فتسفي عليه من العذرة فيصيب ثوبه ورأسه،يصلي فيه قبل أن يغسله؟»والسؤال لا ينافي ما اعتبر في ارتكاز المتشرعة من الرطوبة المسرية؛إذ لعل السائل كان يحيط علماً بأنَّ الثوب اليابس لا يتنجس،وانما سأل عن حكم الصلاة في الثوب الحامل للنجس.
«قال:نعم،ينفضه ويصلي فلا بأس».
وظاهر المفهوم البأس بالصلاة إذا لم ينفض الثوب،والظاهر حجة،ولا دليل على خلافه؛ولذا تثبت المانعية لمثل الحمل المفروض في الصحيحة عن الصلاة،وترفع اليد في خصوصه عما تقتضيه القاعدة من جواز حمل النجس أو المتنجس في الصلاة،ولا يتعدى إلى غيره؛لأنّ أصل البراءة يقتضي عدم الشرطية،وعدم المانعية،وعدم الجزئية في دوران الأمر بين الاقل والاكثر الارتباطيين،والشك في شرطية شيء أو جزئيته أو مانعيته.
قال:«ولا يضر احتمال بقاء شيء منه بعد العلم بزوال القدر المتيقن».
وقد يقع الشك بعد نفض الثوب أو العباء المنسوج من الصوف في حمله لأجزاء النجس أو المتنجس ويحتمل بقاء شيء منها بعد العلم بزوال مقدار منها،ولفرض الشك صورتان:
الصورة الاُولى:أن يشك في مقدار الأجزاء النجسة أو المتنجسة المتطايرة على الثوب،بأن لا يعلم أنَّ الثوب كان حاملاً لأُوقية منها أو أزيد،وهل هي تساوي المقدار الخارج من الثوب بالنفض،أو أنها أكثر من المقدار الخارج،وفي هذه الصورة يجري أصل عدم الزيادة؛لأنّ الزائد مشكوك الحدوث من الابتداء،وافتاء المصنف في محله.
لا يقال:إنَّ الثوب كان حاملاً للتراب المتنجس أو الأجزاء الترابية للعذرة اليابسة،والآن لا يعلم حمل الثوب لها،والاستصحاب يقتضي بقاءها.فانه يقال:إنّه من استصحاب القسم الثالث من الكلي،ولا يجري الاستصحاب في جانب الكلي في القسم الثالث