الدرس ۷۴۳- تکملة بحث حکم الثوب و البدن الواقع عليهما الذباب الملاقي للنجس الرطب، وحکم وقوع بعر الفأرة في الدهن اليابس الجامدين ومع مشي الكلب علی الطين

وإذا قلنا بأنَّ العلم المأخوذ ظاهر في الطريقية ولم يؤخذ بما هو صفة وحالة مخصوصة-ولا يبعد ذلك-فالرواية تدلّ على أنّ السؤر طاهر إلّا إذا علمت وجداناًأو تعبداً بوجود الدم في المنقار حين الشرب،ويحكم بالنجاسة على كلا القولين،أي على القول بعدم تنجس بدن الحيوان،وعلى القول بتنجّسه وحصول الطهارة فيه بزوال العين.

والوجه في ذلك أنَّ موضوع النجاسة ليس ملاقاة الطاهر-كالماء أو الثوب-لعضو الحيوان كالمنقار النجس،بل موضوع النجاسة في جعل الشارع ملاقاة الطاهر لعضو الحامل للنجس حال الملاقاة،سواء احرز ذلك بالعلم التعبدي أم بالعلم الوجداني ويقتضي الاستصحاب كون العضو حاملاً للنجس فيحكم بالنجاسة على كلا القولين.

وقال في التنقيح:«ولكن الأظهر أنَّ الرؤية بمعنى خصوص العلم الوجداني،ومعه لا يترتب على استصحاب بقاء النجاسة أثر على كلا المسلكين».

وفيه أنَّ الرؤية في قوله؟ع؟ «إلّا أنْ ترىٰ في منقاره دماً» مأخوذة بنحو الطريقية،وقد تقرر في بحث الاصول بشيء من التفصيل أنَّ للطريقية وأخذ الرؤية طريقاً معنيين:

فتارة يترتب الحكم في مقام الثبوت على العلم بالشيء لا على واقع الشيء،كما أنَّ حرمة الشرب لم تجعل للخمر الواقعي في مقام الثبوت،وإنما هي لمعلوم الخمرية،بمعنى منكشف الخمرية وليس المراد بالعلم الصفة الخاصة،ولازم ذلك حلية الخمر الواقعي حلية واقعية في حق الجاهل به؛لأنّ العلم مأخوذ في موضوع الحكم ثبوتاً بنحو الطريقية،وقد يذكر في الخطاب نحو قوله:إذا علمته خمراّ فاجتنبه».

واُخرى يتعلق الحكم في مقام الثبوت بذات الواقعة،ولا يؤخذ العلم في الموضوع ثبوتاً ويذكره الشارع في الخطاب، فمثلاً تجب صلاة الفجر عند طلوع الفجر الواقعي أو يجب الصوم حين طلوع الفجر الواقعي ولم يؤخذ العلم ثبوتاً في جانب الموضوع لا طريقاً ولا وصفاً،وإنما ورد في خطاب الشارع كقوله:(كُلُوا وَ اشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ…)

والموضوع لوجوب الامساك هو نفس طلوع الفجر،لا علم المكلف به؛ولذا يجب الامساك والقضاء على من فعل المفطر من غير عمد بعد طلوع الفجر ولم يراع الفجر،وتبين أنَّ أكله كان في النهار؛وذلك لفوت الواجب بناء على كون التبين في الخطاب طريقاً إلى واقع الموضوع.

والرؤية في الموثقة طريقية بهذا المعنى،وتدل الموثقة على أنَّ جوارح الطير كغير جوارحه طاهرة في نفسها،ولا تكون مباشرتها الماء وغيره موجباً للانفعال،وانما النجاسة هي عين النجس التي قد يحملها بعض الأعضاء كالدم في المنقار والعذرة على الرجل؛ولذا يحكم بطهارة سؤر الجارحة من الطير واقعاً،فالعلم مأخوذ في الموثقة طريقاً الى الموضوع،ولم يؤخذ في جانب الموضوع ثبوتاً،وقد أسلفنا أنَّ الموثقة لم ترد في بيان الحكم الظاهري بوجه.

وإنْ سلَّمنا أنَّ الموثقة تدل على الحكم الظاهري،واُخذ العلم فيها طريقاً في جانب الموضوع ثبوتاً،فقد تعارضت مع صحيحة علي بن جعفر،حيث سئل الامام؟ع؟ عن الدود يقع من الكنيف على الثوب أيصلى فيه؟قال:لا بأس إلّا أن ترى أثراً فتغسله».

أي إلّا أنْ تعلم أثراً،فلا مدخلية للرؤية،وبما أنه لا يحتمل الفرق بين مدلول الموثقة ومدلول الصحيحة في بيانهما ملاقاة الطاهر لبدن الحيوان فيكون موضوع الحكم الظاهري بالطهارة عدم العلم بتأثر الثوب وبوجود عين النجس على عضو الحيوان.

وبناء على ما تقدم لا يرفع اليد عن التفصيل الذي تقتضيه القاعدة الاولية.

مسألة ۳: إذا وقع بعر الفأر في الدهن أو الدبس الجامدين يكفي إلقاؤه،و إلقاء ما حوله،و لا يجب الاجتناب عن البقية،و كذا إذا مشى الكلب على الطين فإنه لا يحكم بنجاسة غير موضع رجله،إلا إذا كان وحلاً،و المناط في الجمود و الميعان أنه لو أُخذ منه شي‌ء؛فإن بقي مكانه خالياً حين الأخذ و إن امتلأ بعد ذلك فهو جامد،و إن لم يبقَ خالياً أصلاً فهو مائع.

حكم وقوع بعر الفأر في الدهن والدبس الجامدين وحكم مشي الكلب على الطين

التزم الماتن بانه إذا وقع بعر الفأر في الدهن الجامد أو الدبس الجامد كفى القاؤه والقاء ما حوله ولا يجب الاجتناب عن البقية،وكذا إذا مشی الكلب على الطين فإنه لا يحكم بنجاسة غير موضع رجله إلّا إذا كان وحلاً.

ثم ذكر أنَّ المناط في الجمود والميعان أنه لو أُخذ منه شيء؛فإن بقي مكانه خالياً حين الأخذ فهو جامد وان امتلأ بعد ذلك وان لم يبق خالياً أصلاً فهو مائع.

لا خدشة في أصل الكبرى على ما ذكرناه،وذكره من أنَّ المايع ينفعل بمجرد ملاقاة النجس،سواء كان ماء قليلاً أم غيرالماء،من دون فرق بين قليله وكثيره،وأما الجامد فقد تختصّ النجاسة بموضع الملاقاة مع الرطوبة المسرية وإن اتصل به غيره من الاجزاء الباقية منها.

وإنما أعاده المصنف في المقام للنصوص الواردة التي يستفاد منها الوجه في التفصيل بين الذوبان والجمود أو بين الزيت وغيره،ولبيان المناط في الجمود والميعان.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

دکمه بازگشت به بالا