الدرس ۷۴۲ – تکملة بحث حکم الثوب و البدن الواقع عليهما الذباب الملاقي للنجس الرطب

إذا اُحرز الموضوع بالاصل أو الامارة ثبت حكمه، ولم يثبت حدوث الحكم زماناً فيحرز الحكم بالنجاسة باستصحاب النجاسة أو بقيام الأمارة عليها أو برؤيتها، ولا يثبت حدوثه بوجه.

والسرّ في ذلك أنَّ الموضوع ليس علة الحكم، كعلية النّار للإحراق،وعلية السهم المرمي للموت وزهوق الروح،بل الحكم أمر مجعول بجعل الشارع، وإحراز الموضوع يوجب إحراز جعل الشارع،ولا يثبت حدوثه زماناً،ولعلّه كان سابقاً على العلم بالملاقاة.

وينبغي التمثيل بما يثبت به المدعى.

إذا علم بنجاسةأحد الاناءين سابقاً كالاناء الشرقي، وعلم بطهارة الآخر كالاناء الغربي سابقاً، ثم علم إجمالاً بحدوث حالة في أحدهما،وهي إما طهارة المتنجس منهما،أوتنجس الطاهر منهما جرى استصحاب طهارة الاناء المسبوق بها،واستصحاب نجاسة المسبوق بها؛لعدم كون العلم الاجمالي منجزاً،وحكم بنجاسة كليهما إذا لاقى أحدهما الآخر،مع أنّا نعلم وجداناً بأنَّ الطاهر لم ينفعل بتلك الملاقاة؛ لأنّ الحالة الحادثة إما هي طهارة المتنجس من الاناءين،أو تنجس الطاهر منهما،وعلى الاول فقد حصلت الملاقاة بين الطاهرين،وعلى الثاني فقد حصلت النجاسة في الطاهر قبل الملاقاة وحين حدوث التغير في حالته.

والجواب في المقامين واحد،وهو ما تقدم من أنَّ باب موضوع الحكم لا يقاس بباب العلة والمعلول،بل يثبت الحكم بإحراز الموضوع،ولا يثبت حدوثه بحدوث الموضوع،وقد ذكرت مراراً أنَّ الحكم والموضوع بمنزلة العلة والمعلول في تحققهما في زمان واحد؛نظراً لتبعية الحكم للموضوع، وتبعية المعلول للعلة، إلّا أنَّ التبعية في الحكم والموضوع مجعولة بالجعل الشرعي، وليست تكوينية كالتبعية التكوينية في العلة والمعلول.

والحاصل أنَّ فعلية الحكم تابعة لفعلية الموضوع،وأمّا حدوث الحكم فالله أعلم به،ويثبت بالفعل حدوث الحكم في المثال على تقدير عدم ملاقاة الشيء الطاهر للنجس في علم الله، ويتنجز النجاسة لحدوثها السابق على تقدير ملاقاة النجس السابق؛ ولذا لا يمكن التحفظ على العمل بالاصل بعد إحراز النجاسة.

وظهر مما ذكرنا أنَّ ما صرح بِهِ السيد الحكيم في المستمسك من أنَّ ملاقاة عين النجاسة أسبق زماناً من الملاقاة لنفس العضو، ومع تعدد العلل واختلافها في الزمان يكون الأثر للسابق مستقلاً لاعلاقة له بالمقام، بل يرتبط بمقام موضوع الحكم، واحراز الموضوع لا يوجب إحراز أزيد من ثبوت الحكم؛ ولذا يحكم على القاعدة بنجاسة الملاقي من الماء القليل أو البدن أو الثوب عند الشك في البقاء على القول بتنجس بدن الحيوان، ولا يحكم بالنجاسة على القول بعدم تنجسه.

وقد يقال إنَّ التفصيل بين القول بتنجس بدن الحيوان وبين عدم تنجسه في الحكم بنجاسة الملاقي على الاول،وعدم نجاسته على الثاني مبني على القاعدة الأولية المستفادة من الأدلة العامة،ولابد من رفع اليد عن القاعدة لورود النص في مسألة مماثلة لمسألة الذباب وهي سؤر الجوارح من الطير،حيث سئل الامام(ع) في موثقة عمار الساباطي«عن ماء شرب منه باز أو صقر أو عقاب فقال:كل شيء من الطير يتوضأ مما يشرب منه إلّا أن ترى في منقاره دماً،فإن رأيت في منقاره دماً فلا توضّأ منه ولا تشرب».

فالامام ؟ع؟ حكم بطهارة سؤر الطير الّا ان ترى في منقاره دماً.

ولا خصوصية للرؤية وإنما هي كناية عن العلم،فربما يخبر أحد بوجود الدم في المنقار ويوجب إخباره العلم بذلك أو يرى أحد أنَّ الطير أكل الميتة وشرب من الماء القليل مباشرة،وحصل له العلم بوجود الدم في المنقار لعدم احتمال خلو المنقار من الدم عادة،كما لا خصوصية للرؤية بالبصر في قوله(ع): «صم للرؤية وأفطر للرؤية».

والعلم مأخوذ في موضوع الحكم بنجاسة الماء الملاقي لعضو الحيوان أي المنقار بمعنى أنَّ موضوع الحكم بنجاسته هو العلم بوجود عين النجس في المنقار حين شربه،وعندئذٍإذا قيل إنَّ العلم المأخوذ صفة نفسانية في مقابل الظن والشك وغيرهما من الصفات النفسانية كان الموضوع العلم الوجداني،والاستصحاب عند العلم الوجداني السابق بوجود الدم في المنقار،والشك اللاحق فيه حال الشرب لا يثبت العلم الوجداني بما هو صفة خاصة،بل الاستصحاب يفيد العلم التعبدي بالبقاء،وهو لا يقوم مقام الصفة فيحكم على كلا القولين بطهارة الملاقي في فرض احتمال بقاء عين النجاسة التي سبق العلم بوجوده على المنقار.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

دکمه بازگشت به بالا