والوجه في المقام بمعنى اسم الجنس.
بيان الوجهين المذكورين في المقام
وفي المقام وجهان:
الوجه الأول:التزم البعض بأن موضوع تنجس الطاهر ملاقاته للنجس مع الرطوبة المسرية،أي كون الرطوبة حال الملاقاة في أحدهما أو كليهما،والمعية بمعنى واو الجمع، فالموضوع اجتماع الرطوبة المسرية في أحدهما مع الملاقاة،ولا يخفى أنَّ الملاقاة عرض للجسمين،والرطوبة المسرية بمنزلة العرض لوجودها المستقل.وقد تقرر في محله أنَّ مفاد العرضين المأخوذين في موضوع الحكم،مفاد واو الجمع ولا يقيد أحدهما بالآخر وان كان المعروض واحداً،والمراد بالتقيد الاتصاف.
والمفروض العلم الوجداني بملاقاة الطاهر للنجس كما في وقوع الثوب الطاهر على الأرض المتنجسة وسبق الرطوبة المسرية،ويقتضي الاستصحاب بقاءها عند الشك فيه،فيحكم بالتنجس لتمامية موضوع الاستصحاب بضم الوجدان.
مختار الشيخ الانصاري(ره)
الوجه الثاني:ذكر الشيخ الانصاري(ره) في الرسائل أنَّ موضوع الحكم بالتنجس ليس الملاقاة مع الرطوبة المسرية،بل الموضوع تأثر أحد المتلاقيين وهو الطاهر من النجس بالرطوبة المسرية،حيث اعتبر الشارع النجاسة للتأثر الخارجي،والمفروض أنَّ الملاقاة حاصلة بالوجدان إلّا أنَّ استصحاب بقاء الرطوبة المسرية لا يثبت التأثر وتحقق السراية الفعلية،إلّا على القول بالأصل المثبت؛لأنَّ التأثر لازم عقلي أو عادي للملاقاة،ولا يثبت الاستصحاب اللازم العقلي أو العادي للمستصحب فيما إذا كان اللازم موضوع الحكم الشرعي.
نعم،إنَّ الرطوبة المسرية تكويناً توجب تأثر الطاهر بالملاقاة قهراً إلّا أنَّ بقاء الرطوبة المسرية تعبدي لا تكويني،وبما أنّه تعبدي فلا يثبت استصحابه اللازم العقلي أو العادي للمستصحب.
وقد يقال إنَّ الاستصحاب ليس من الأصل المثبت،وإن التزمنا بأن التأثر موضوع التنجس في الحقيقة؛لأنّ العرفَ يرى الموضوع،نفس الملاقاة مع الرطوبة المسرية،واللازم وهو التأثر خفي بالنظر العرفي؛ولذا ترى المرأة التنجس بمجرد وقوع الثوب الطاهر على الأرض المتنجسة المرطوبة،وعليه لا يكون الاستصحاب من الاصل المثبت وذلك لخفاء الواسطة.
مختار الشيخ الانصاري في اعتبار الأصل المثبت وعدم اعتباره
ذكر الشيخ الانصاري تنبيهاً في باب الاستصحاب ولم يعتبر الاصل المثبت إلّا في موضعين:أحدهما ما إذا كانت الواسطة خفية بحيث يرى العرف الملزوم،موضوع الحكم ولا يدرك اللازم العادي أو العقلي الذي هو موضوع الحكم في الواقع،والمفروض في المقام أنَّ العرف لا يدرك التأثر ويرى موضوع النجاسة ملاقاة الشيء الطاهر للنجس أو المتنجس.
الرد على الوجهين
إنَّ الوجهين عليلان،والوجه الصحيح،الحكم بالطهارة،ولا جدوى في استصحاب بقاء الرطوبة المسرية،والوجه في ذلك أنَّ ملاقاة الشيء الطاهر للنجس مع الرطوبة المسرية ليست موضوع انفعال الطاهر بحسب الارتكاز العرفي،بل موضوعه بحسب الارتكاز التنجس العرفي المعبر عنه بالتأثر،و هو ملازم للرطوبة المسرية تكويناً،واستصحاب بقاء الرطوبة المسرية لا يثبت التأثر التكويني،ولا أساس لدعوى خفاء الواسطة؛فإن ارتكاز المتشرعة قرينة على أنَّ موضوع التنجس عبارة عن تأثر الطاهر من النجس بالرطوبة المسرية.وقد ذكرنا قاعدة كلية في موارد توهم خفاء الواسطة،وهي أنَّ الموضوع المستفاد من الأدلة بحسب الفهم العرفي لا يخلو من أن يكون ذا الواسطة أو يكون نفس الواسطة.
فإذا كان موضوع التنجس،ذا الواسطة،وهو ملاقاة الطاهر للنجس مع الرطوبة المسرية،فلا واسطة في البين حتى يُدعى خفاؤها،وإذا كان موضوع التنجس نفس الواسطة فهي جلية لا خفية.
وفي المقام روايات وافية بالمراد على تقدير انكار الارتكاز.
صحيحة علي بن جعفر
منها صحيحة علي بن جعفر،وهي الرواية الاُولى في الباب ۸۰من أبواب النجاسات.
«محمد بن الحسن باسناده،عن محمد بن علي،عن محمد بن أحمد العلوي،عن العمركي،عن علي بن جعفر» ورواه علي بن جعفر في كتابه،والرواية صحيحة لذلك على تقدير الكلام في وثاقة محمد بن أحمد العلوي الواقع في الطريق المذكور.
«عن أخيه موسى(ع) قال:سألته عن الدود يقع من الكنیف على الثوب أيصلى فيه؟قال:لا بأس،الّا أن ترى أثراً فتغسله».