لزوم تغیر الماء بأوصاف النجاسة (ج 66)

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس السادس والسّتون

لزوم تغیّر الماء بأوصاف النجاسة في الحکم بتنجّسه

قد مرّ في باب المضاف أنّ المضاف إذا ٱستهلك في الکرّ حکم بطهارته، إلّا أنّ البعض ٱلتزم بانعدام الموضوع في ٱستهلاك المضاف، ونحن قلنا بالتبعیة في الحکم، وعلی أيّ تقدیرٍ یرفع الحکم السابق عن المضاف المستهلك.

ولکن صاحب العروة(ره) أبدی ملاحظةً وقال: «إذا القي المضاف النجس في الکرّ فخرج عن الإطلاق إلى الاضافة تنجس إن صار مضافاً قبل الاستهلاك»؛ لأنّ المفروض هو إطلاق الماء سابقاً ثمّ تغیّره بالمضاف النجس فیحکم بتنجّسه إذ الاضافة تخرج الماء عن عنوان الماء، ویصبح الماء کسایر المایعات التي تتنجّس بملاقاة النجاسة وقد مرّ ذکره.

وأمّا إذا سرت أوصاف المضاف المتنجّس إلى الماء ولم یخرج الماء عن الاطلاق حکم بطهارة الماء.

الفرق بین التأثیر بالانتشار والتأثیر بالخاصیّة

وقد فرق البعض في المقام وقال: هناك فرقٌ بین التأثیر بالسّرایة والتأثیر بالخاصیّة بمعنی أنّ سرایة أوصاف النجس من المتنجّس إلى الماء قد تکون سرایةً ٱنتشاریةً کما لو سال مقدارٌ من الدم في الماء وغیّر لون الماء إلى الحمرة فإنّ الدّم النجس ینجّس الماء بالتغییر ولو نزحنا دلواً أو دلوین من هذا الماء المتغیّر وصببناه في حوضٍ آخر وأثّر في‌ ماء الحوض الثاني، فإنّ السرایة إلیه سرایةٌ ٱنتشاریةٌ ویتنجّس الماء الثاني بسبب ٱنتشار أجزاء الدم المتفرقة في الماء الاول، وحینئذٍ نقول من دون إشکال: إنّه لا فرق في السرایة الانتشاریة بین تغیّر الماء بعین النجس أو بالمتنجّس الحامل لأوصاف النجس. وقد یکون التأثیر بالخاصیّة لا بالانتشار، کما لو ألقیت میتةٌ في الماء وأنتن الماء بسببها فالماء یتنجّس لتغیّره. فـ«إذا تغیّر الطّعم وتغیّر الریح فلا تتوضّأ منه ولا تشرب» ولو نزح دلوان من هذا الماء النتن وصبّ في کرٍ آخر وٱکتسب الکر الآخر رائحةً نتنةً فقد قالوا بعدم الحکم بنجاسة الماء الثاني وإن ٱکتسب رائحةً نتنةً؛ لأنّ إطلاق قوله (علیه السلام): «فإذا تغیّر الماء وتغیّر الطّعم فلا تشرب» یشمل الماء الأول ولا یشمل الماء الثاني. فالماء الثاني خارجٌ عن نطاق اطلاق الروایات، بخلاف موارد السرایة الانتشاریة فإنّ الأخبار تشملها. فقوله (علیه السلام) في الصحیحة: «وکذٰلك إذا سال الدّم وأشباهه في الماء» یشمل الفرض الاول وهو ٱنتشار الدّم في الحوض الثاني. وأمّا في ‌الفرض الثاني وهو السرایة بالخاصیّة فالماء الثاني لم یکتسب الرائحة من نفس المیتة، بل حصل الاکتساب لوجود خاصیّةٍ في طبیعة الماء وهي تغیّر ریحه بالمیتة؛ ولذا یکتسب الریح إذا کانت بقربه میتةٌ ولا یسمّی هذا ٱنتشاراً وتشمله الأدلة الدالة علی عدم تنجّس الماء إذا بلغ قدر کرّ. «الماء إذا بلغ قدر کرٍّ ـ وهو الماء الثاني ـ لا ینجّسه شيء» فالسرایة بالخاصیة وغیر الانتشاریة لا تدخل في نطاق الأخبار الدالة علی تنجّس الماء بالتغیّر.

هذا ما قاله البعض.

تنجّس الماء حین تغیّره بأوصاف المتنجّس عند الشیخ والدّلیل علیه

المعروف والمشهور قدیماً وحدیثاً هو الحکم بنجاسة الماء المتغیّر من دون فرقٍ بین الجاري والکرّ والماء الراکد، سواءٌ کان ذا مادةٍ أو بدونها، ویلزم أن یکون التغیّر بأوصاف عین النجاسة، بأن تلاقي الماء عین النجاسة وتتغیّر بها أوصاف الماء أو یلاقیه متنجّسٌ حاملٌ لأوصاف عین النجاسة ویتغیّر الماء بأوصافها. فإن غیّرت أوصاف عین النجس، أوصاف الماء، تنجّس، وأمّا تغیّر الماء بأوصاف المتنجّس نفسه فلا یوجب تنجّس الماء، کما لو ألقي ثوبٌ مصبوغٌ متنجّسٌ في ماء الکر وتغیّر لون ماء الکرّ بلون الثّوب المصبوغ فإنّ الماء لا یتنجّس بالتغیّر الحاصل من أوصاف المتنجّس ]خلافاً لما نسب إلى الشیخ(ره)[. والحمد للّه ربّ العالمین.