لا فرق بین الوصف الأصلی والعارض (ج 75)

بسم الله الرحمن الرحيم

الدرس (75)

مسألة 12: «لا فرق بین زوال الوصف الاصلي للماء أو العارضي، فلو کان الماء أحمر أو أسود لعارضٍ فوقع فیه البول حتّی صار أبیض تنجس، وکذا إذا زال طعمه العرضي أو ریحه العرضي».

إنّ للماء أوصافاً أصلیةً تخصّ به، وقد یغلب النجس الملقىٰ في الماء ویغیّر أوصافه الأصلیة فیحکم بنجاسة الماء في هذه الصورة. قال: لا فرق بین أن یکتسب الماء الوصف الأصلي للنجس أو الوصف العرضي، کما لو غسلنا ثوباً بماء الحوض، ومال لون هذا الماء المطلق إلى البیاض بسبب رغوة الصابون الناتجة عن غسل الثوب، ولم یخرج عن الاطلاق ثمّ صبّ دمٌ في الماء فأزال بیاض الماء ولم یصفرّ الماء، بل عاد الماء المطلق إلى حالته الأولىٰ.

وبعبارةٍ واضحة: أنّ الماء قد یتغیر بوقوع النجاسة فیه وانتقال أوصاف النجاسة إلیه، وحینئذٍ إمّا یتغیر الوصف الاصلي للماء، وإمّا یتغیر الوصف العرضي له. قال السّید(ره): لا فرق بینهما في‌ الحکم بنجاسة الماء.

فإذا اصفرّ الماء بوقوع الدم فیه ففي هذه الصورة قد تغیّر الوصف الأصلي للماء لا محالة، وإذا کان الماء مطلقاً ومال إلى البیاض بسبب رغوة الصّابون ولم یخرج عن الاطلاق ثمّ ألقي فیه النجس وعاد إلى حالته الأولى ففي هذه الصورة قد تغیر الوصف العرضي للماء، ویحکم بالنجاسة في کلا القسمین.

قال السید الحکیم(ره): ومن ذلك ‌یظهر الاشکال في ‌هذه المسألة إذ المعتبر هو تغیر الوصف الاصلي فلا یصحّ الحکم علی الاطلاق والالتزام بتنجّس الماء من دون الفرق بین تغیر الوصف الاصلي وتغیر الوصف العرضي.

عدم الارتباط بین تغیر الماء بسنخ النجس أو بمثله وتغیر الأوصاف الاصلیة

ناقش السید الخوئي(ره) في کلام السید الحکیم(ره) وأشکل علیه في ‌التنقیح وقال: «ثمّ لا یخفی أنّ هذه المسألة والمسألة المتقدمة غیر مرتبطتین ولا تبتنیان علی مبنیً واحدٍ وأنّ کلاً منهما تبتني علی دعویً غیر ما تبتني علیه الأخریٰ…».

فتنجّس الماء عند تغیره بسنخ أوصاف النجاسة ومثلها أو تنجسه عند حدوث مطلق التغیر في أوصافه، مسألةٌ في بابها وتفترق عن مسألة تغیر الاوصاف الأصلیة للماء أو تغیر الوصف العرضي له بسبب وقوع النجاسة فیه فلا علاقة بینهما، بل النسبة بین هاتین المسألتین هي العموم والخصوص من وجه.

فلا اشکال في أن یلتزم أحدٌ في إحداهما باعتبار حدوث أوصاف النجس في الماء، ویلتزم في الأخری بعدم الفرق بین تغیر الوصف الاصلي للماء وتغیر وصفه العرضي، کما لو ذهب بیاض الماء بوقوع الدم وحدث سنخه إي مال إلى الصفرة فیمکن أن یقول هناك باعتبار تغییر الأوصاف الاصلیة للمیاه، ویقول هنا في تغیر أوصاف الماء بعدم الفرق بین حدوث سنخ وصف النجاسة أو مثله أو غیرهما کأن یحدث للماء وصفٌ ثالثٌ غیر وصف النجاسة وغیر الوصف الأصلي للماء، ویلتزم بعدم اعتبار تغیر الوصف العرضي. فالنسبة بینهما هي العموم والخصوص من وجهٍ ولا علاقة بینهما.

ونقرّر إشکاله(ره) بعبارةٍ اخری: إنا بحثنا في أنّه هل یعتبر التغیر بأوصاف النجاسة في الحکم أو لا یعتبر؟ ومرجع هذه المسألة إلى اعتبار التغیر الانتشاري في تنجّس الماء وعدم اعتباره؛ لأنّ انتشار عین النجس في الماء یوجب حدوث أوصاف النجاسة وسنخها في الماء. فهل یعتبر التغیر الانتشاري أو یکفي للتغیّر بالخاصیة؟ والتأثیر بالخاصیة فهو عدم انتشار النجس بأوصافه في الماء وعدم انتقالها إلیه عرفاً وهو المبحوث عنه في علم الکیمیاء، ولهذه النجاسة خواصٌ عند وصولها إلى الماء، وإذا لاقی الماء الشيء النجس تغیر لون الماء، وحینئذٍ نقول هل التغیر الانتشاري معتبرٌ أو لا یعتبر؟ بل یکفي التغیر بالخاصیة؟

أما المسألة 12 فهي ترتبط بتغییر اللون الاصلي والطعم الأصلي للماء.

فإذا تغیر طعم الماء أو لونه أو ریحه فهل یعتبر تغیر اللون الاصلي والطعم الاصلي للماء؟ سواءٌ کان التغیر تغیراً بالخاصیة أو تغیراً انتشاریاً، فهل یعتبر تغیر الوصف الاصلي للماء أو لا؟ بل یکفي تغیر الوصف العرضي له؟ یمکن أن یقول هناك بکفایة تغیر الوصف العرضي واعتبار التغیر الانتشاري وعدم کفایة التغیر بالخاصیة. فلا یرتبط مناط إحداهما بمناط الأخریٰ. هذا ما أفاده السید الخوئي(ره) في التنقیح.

عدم ورود اشکال السید الخوئي علی السید الحکیم0

لو کان یتقصر السید في المسألة 12 علی قوله: «لا فرق بین زوال الوصف الاصلي للماء أو العارضي» لورد علیه إشکال التنقیح وهو عدم الارتباط بین المسألتین، ولکنه قال في ذیل المسألة 12: «فلو کان الماء أحمر أو أسود لعارضٍ فوقع فیه البول حتّی صار أبیض تنجّس». فقد فرض التغیر بالخاصیة في ‌التغیر؛ لأنّ هذا التغیر المفروض في ذیل کلامه لیس تغیراً انتشاریاً، بل هو تغیرٌ بالخاصیة. قال: «وکذا إذا زال طعمه العرضي أو ریحه العرضي» فهذا الزوال في کلامه مثالٌ للتغیر بالخاصیة. فلم یقل: «لو کان الماء أحمر أو اسود لعارضٍ فوقع فیه البول حتی صار مایلاً إلى الخضرة» بل قال: «حتی صار أبیض» وهو اللون الأصلي للماء. فالمفروض في کلامه هو التغیر بالخاصیة.

ولعلّ السید الحکیم ـ کما یظهر من عبارته ـ أشکل علی التغیر بالخاصیة في المسألة الثانیة والتزم بعدم اعتبار التغیر بالخاصیة. إذ المعتبر في تنجّس الماء هو تغیر الماء بالاوصاف المسانخة أو المماثلة لأوصاف النجّس. والحمد لله رب العالمین.