عدم وجود الماء في آیة التیمم (ج 52)

بسم الله الرحمن الرحيم

البحث الثاني والخمسون

رأي السید الحکیم(ره) حول عدم وجدان الماء في آیة التیمم

یقول السید الحکیم(ره) في المستمسك بعد نقل عبارة العروة بان الصبر وعدم الصبر لترسب الطین مبنيٌ علی تعیین معنىٰ قوله تعالیٰ: (فلم تجدوا ماءً فتيمّموا) وأن معناه هل هو عدم وجود الماء «أي لم یکن الماء موجوداً» أم معناه عدم التمکن من الماء أي «لم تتمکنوا من الماء»؟

فإن کان المراد منه هو عدم التمکن من الماء تمّ ما افاده(ره) إذ الماء لا یوجد لدیه فعلاً والموجود الفعلي هو المضاف ولکن سیتمکن من الماء ویقدر علیه وهو في سعة من الوقت فلابد له أن یحصل على الماء لانّ وجوب التوضؤ مشروط بالتمکن من الماء وهذا الشرط موجودٌ وان کان المراد من قوله تعالی: (فلم تجدوا ماءً) هو عدم وجود الماء فعلاً فلا اثر لسعة الوقت وضیقه ویصح التیمم لعدم وجود الماء. هذا کان کلام السید الحکیم(ره).

اعلم أن القاعدة الاوّلیة تحکم بأن مقتضی ظهور الخطاب في المأمور به الأضطراري هو عدم التمکن في تمام الوقت أي عدم التمکن من اتیان المأمور به الاختیاري في تمام الوقت والسرّ في ذلك هو ان الشارع لا یطلب افراد صلاة الظهر والعصر مع الوضوء بل یطلب طبیعي الصلاة مع الوضوء وزمانه یبدأ من اول الظهر إلى غروب الشمس. فظاهر الخطاب هو وجوب الاتیان بالمأمور به الاختیاري ومعنىٰ الدلیل الدال علی إتیان الشيء الفلاني عند عدم التمکن من المأمور به الاختیاري هو عدم التمکن من صرف وجوده والاضطرار في تمام الوقت. هذا مقتضی القاعدة الاولیة والظهور البدائي. نعم ربما یحکم الشارع في بعض الموارد بکفایة عدم التمکن في بعض الوقت.

والحاصل ان وجوب الصبر لترسب الطین والتوضؤ بالماء المخلوط بالطین مبنيٌ علی القول بأن الاضطرار في تمام الوقت معتبرٌ في الصلاة مع التیممU فیجب الانتظار في سعة الوقت لان المکلف لا یضطر إلى ترك الصلاة مع الوضوء سواء قلنا بأن مفاد الآیة المبارکة هو عدم وجود الماء أو عدم التمکن من الماء. إذن لو کان الاضطرار معتبرا في تمام الوقت فهو لیس مضطرا في تمام ,قت في المقام لان الوحل سیتحول إلى الماء بعد مضي نصف ساعة مثلاً والمأمور به في ‌الخطاب الاضطراري یحکم بوجوب الصبر عند عدم وجود الماء أو عند عدم التمکن منه في تمام الوقت. واما لو قلنا بکفایة الاضطرار في‌ بعض الوقت لم یجب الصبر ویجوز التیمم في سعة الوقت وان کان معنیٰ قوله تعالی: (فلم تجدوا ماءً) هو عدم التمکن من الماء في بعض الوقت کما لو لم یکن المکلف في هذا الوقت متمکنا من الماء فیصدق أنه لم یکن متمکنا من الماء في بعض الوقت ویجوز له التیمم.

فلما افاده السید الحکیم(ره) من لزوم تعیین معنى الآیة المبارکة والبحث في انه هل بمعنیٰ عدم التمکن بمعنى عدم وجود الماء لا دخل له بالمقام بل لابد من البحث في مسألة اخریٰ وهي تعیین المراد من الاضطرار فان کان المراد منه هو الاضطرار في تمام الوقت وجب الصبر سواء کان معنی الآیة هو عدم التمکن من الماء أم عدم وجود الماء في تمام الوقت.

وان کان المراد منه هو الاضطرار ولو في بعض الوقت جاز التیمم في سعة وقت سواء کان معنی الآیة هو عدم وجود الماء ام عدم التمکن من الماء في بعض الوقت.

ولعل هذا الفرع الذي ذکره صاحب العروة(ره) لا ربط له بمسألة المضاف لانه من فروع مسألة التیمم وانه هل یعتبر الاضطرار في تمام الوقت أم یکفي في بعض الوقت؟ والله العالم.

اضافة المضاف المستهلك بمقدار یکفي للوضوء أو الغسل

والفرع المناسب لمسألة المضاف الذي کان ینبغي له(ره) ذکره ویکون منوط بأن المعنی في الآیة المبارکة هل هو عدم وجود الماء أم عدم التمکن من الماء کما فصّله السید الحکیم(ره) یرتبط بما إذا کان لدی المکلف ماءٌ في تمام الوقت أو بعض الوقت لا یکفیه لوضوئه أو غسله وأمکن تتمیمه بخلط شيء من المضاف الطاهر الذي یستهلك فیه ولا یخرجه عن الاطلاق کما لو کان عنده کأسٌ کبیرٌ من الماء لا یکفي للغسل الا إذا اضیف إلیه مقدار من الخل مثلاً لکي یستهلك فیه ویصیر الماء وافیاً للغسل فهل علیه أن یقوم بهذا العمل أم علیه التیمم لعدم وجود الماء الکافي للغسل؟ إذن هذا الفرع مبنيٌ علی تعیین المراد من قوله تعالی: (فلم تجدوا ماءً).  فإن کان المراد منه فقدان الماء فهو فاقد للماء فعلاً أو فاقد له في تمام الوقت أي فاقد للماء مالم یضف الخل إلیه وان کان المراد منه عدم التمکن من الماء فلا jشمل هذا الملکف لانه متمکن من الماء إذا أضاف إلیه مقدارا من الخل أو الجلاب الذي یستهلك فیه ویمکنّه من الوضوء أو الغسل.

فالمناسب لهذا الفرع المرتبط بالمعنی المراد من الآیة المبارکة وبحث المضاف هو النقاش في وجوب استهلاك المضاف الطاهر في الماء المطلق وعدم وجوبه. هذا هو المناسب لهذا المقام فکان ینبغي ذکره لصاحب العروة(ره). والحمد لله رب العالمین.