حکم المائع المشکوك إطلاقه (ج 40)

بسم الله الرحمن الرحيم

البحث الأربعون

قال السيد الخوئي(ره) صاحب التنقیح(ره):

إذا کان هناك عامٌ کقوله: «کلّ الاشیاء تتنجس بملاقاة النجاسة» أو قوله (علیه السلام) في موثقة عمار الساباطي[1] الواردة في ماءٍ وقعت فیه فأرة: «یغسل کلّ ما أصابه ذلك الماء» فهو یشمل کلّ مائعٍ بلغ حد الکر أم لم یبلغ وکلّ غیر مائع، أما ماء الکرّ فقد استثني من العموم بالدلیل المخصص: «الماء إذا بلغ قدر کرٍّ لا ینفعل»[2]  وحینئذ لو شكّ في دخول السّیل تحت العام لإجماله وعدم العلم بأنه ماءٌ أو وحلٌ فلابدّ من تخصیص العام بالمقدار المتیقن منه والرجوع إلی العام في المقدار المشکوك فیه ویجب الحکم بنجاسة المشکوك لشمول العموم له بناءً علی ما سلکه صاحب التنقیح(ره) من الالتزام بالعموم والحال انه(ره) تمسّك بأصالة الطهارة، ولا یرد هذا الاشکال علینا لانا تمسکنا بأصالة الطهارة وقلنا إنّ قوله (علیه السلام): «یغسل کلّ ما أصابه» لا یشمل السوائل لأنها غیر قابلةٍ للغسل، وانما یشمل الأشیاء القابلة للغسل فلا عموم حسب رأینا عند اجمال المخصص حتی یتمسك به، وانّما الالتزام بوجود العموم عند اجمال المخصص المنفصل مفهوماً یوجب التمسك بالعموم فلا وجه لتمسك صاحب التنقیح بأصالة الطهارة لانه ملتزمٌ بوجود العموم في المقام.

نعم، لو کان المخصص متصلاً کما في قوله (علیه السلام) في موثقة أبي بصیر: «ولا یشرب من سؤر الکلب إلّا أن یکون حوضاً کبیراً یستقیٰ منه»[3] لسریٰ اجمال المخصص إلی العام ولا یمکن التمسك بالعموم. فبناءً علی مذهبنا لا عموم في المقام حتی یتمسك به، ولا یجري الاستصحاب فیه، بل یرجع إلی قاعدة الطهارة، والعجب من صاحب التنقیح(ره) انه لم یتمسك بالعموم[4]، ولم یحکم بالنجاسة في الشبهة المفهومیة، بل رجع إلی أصالة الطهارة فیها مع انه(ره) ملتزمٌ بوجود العموم.

حکم المائع المشکوك اطلاقه واضافته

زبدة ‌الکلام هي انه إذا شك في اطلاق مائعٍ واضافته في الشبهة المفهومیة ‌المعبر عنها بالشبهة في الصدق، وهي أحد اقسام الشبهة الحکمیة‌ وملحقةٌ بها أي إذا شك في سعة المعنی المرتکز من لفظة «الماء» مثلاً وانطباقه علی الخارج وضیق المعنی وعدم انطباقه علی الخارج فلا یجري فیها الاستصحاب الموضوعي، بل یلتزم بعدم جعل الطهوریة لهذا المائع؛ لأنّ الشارع لم یجعل الطهوریة الشرعیة الاعتباریة لهذا المائع وغیره قبل جعل الشریعة الاسلامیة، وعند الشك في جعل الطهوریة له نستصحب عدم جعل الطهورية له ونحکم بأنّه «لا یرفع حدثاً ولا خبثا» وهذا الأصل یسمّیٰ باستصحاب العدم الأزلي.

وإذا لاقیٰ هذا المائع ـ مع قلته ـ النجاسة تنجّس قطعاً، ومع کثرته وعدم وجود عمومٍ علی تنجس کلّ الاشیاء مائعاً کان أم جامداً بالملاقاة ثمّ استثناء الماء الکثیر بالمخصص المنفصل واجمال المخصص، فلا وجه للقول بالتمسك بالعموم بناءً علیٰ ما سلکناه في المقام.

وأما في الشبهة الموضوعیة فیرجع فیها إلی الاستصحاب الموضوعي ان کانت لها حالةٌ سابقة، وإن لم تکن لها حالةٌ سابقةٌ وطرأ الشك في وجوب الغسل بالماء بعد غسل الوجه والیدین ومسح الرأس والرجلین بهذا المائع فیجري استصحاب عدم وجوب الغسل بالماء ویحکم علیه بأنه لا یرفع حدثاً ولا خبثاً؛ لانّ الطهور والرافع للحدث والخبث هو الماء المطلق.


[1]– الشیخ حر العاملي، وسائل الشیعة، (قم، مؤسسة آل البیت (علیهم السلام)، ط 1، ت 1409ق)، ج1، ص142.

[2]– إذا کان الماء قدر کر لم ینجسه شيء؛ الشیخ حر العاملي، وسائل الشیعة، (قم، مؤسسة آل البیت (علیهم السلام)، ط 1)، ج1، ص158.

[3]– الشیخ حر العاملي، وسائل الشیعة، (قم، مؤسسة آل البیت (علیهم السلام)، ط1، ت1409ق)، ج1، ص226.

[4]– یغسل کل ما أصابه ذلك الماء.