بسم الله الرحمن الرحيم
البحث السادس والاربعون
الاستدلال بروایة السکوني علی امکان تطهیر جمیع المیاه المضافة
وقد توهم من روایة السکوني[1] أنّ المضاف کالزیت والسمن قابلٌ للتطهیر بماء الکر، وقد عبّرنا عن هذه الروایة بالمعتبرة، ولا یبعد اعتبار سندها، وکثیراً ما کرّر هذا السند في الکافي، ویجب الانتباه لثبوت وثاقة السکوني وإن کان من العامة، والشیخ (قدس سره) قد وثّق السکوني في العدة ونقل اجماع الطائفة علی العمل[2] بروایاته والحسین بن یزید النوفلي هو الناقل عنه في أغلب روایاته وإن تعدد الناقلون عنه، ولم یثبت توثیقٌ خاصٌ للنوفلي؛ ولذلك تأمّل جمعٌ في سندها، ولکن یمکن القول باعتباره لکثرة نقل روایاته عن هذا الطریق في الکافي، وعمل الاصحاب بروایاته، کما ذکره الشیخ (قدس سره) في العدة ونقلها في أسناد کامل الزیارات، وإن لم تتم اسناد کامل الزیارات عندنا کي یثبت التوثیق العام له، وقد فصّلناه سابقاً، والمهم هو أخذ السکوني بروایات الامام الصادق (علیه السلام) من باب کونه (علیه السلام) راویاً فقیهاً قد نقل عن آبائه (علیهم السلام) عن مولانا أمیرالمؤمنین (علیه السلام) عن رسول الله (صلی الله علیه وآله) والشاهد علیٰ ذلك هو أنّ السکوني ینقل أغلب مرویات الامام الصادق (علیه السلام) عن الرسول الاعظم (صلی الله علیه وآله) وعن الامام علي بن أبي طالب (علیه السلام) فیعلم من ذلك أنه کان یؤمن بالامام الصادق (علیه السلام) وکان یأخذ بروایاته (علیه السلام) فلا بأس بالاعتماد علی ما ینقل عنه (علیه السلام).
وها هي الروایة: «قال رسول الله (صلی الله علیه وآله): الماء یطهّر ولا یطهّر» ووجه الاستدلال بها هو التمسك بالشطر الاول منها وهو قوله (صلی الله علیه وآله): «الماء یطهّر».
الجواب عن الاستدلال بروایة السکوني
ذکرنا سابقاً أنّ في المسألة مقامین:
المقام الأول: هو السؤال عن طهوریة الشيء واعتبار الطهوریة له أو عدم اعتبارها له.
والمقام الثاني: هو السؤال عن کیفیة طهوریة الشيء وما یتطهر به بعد اثبات الطهوریة له، کما یجب الغسل مرتین لتطهیر المتنجس بالبول، وکاشتراط صبّ الماء من العالي إلى السافل المتنجس إذا کان قلیلاً کي لا یتنجس.
وأما قوله (علیه السلام): «الماء یطهّر» فانّه لیس في مقام بیان أنّ بعض الأشیاء أو کلّها قابلةٌ للتطهیر، ولیس في مقام بیان ما یشترط في تطهیر الأشیاء. فهل یشترط في تطهیر المضاف أن یمتزج بالاجزاء المائیة بحیث یطلق الماء علی المجموع أم لا یشترط ذلك؟ لا یمکن استفادته من الروایة.
نعم، یمکن استفادة طهوریة ماء البحر أو البئر من اطلاق الروایة والتمسك به عند الشك في طهوریة ماءٍ من المیاه المطلقة، ولکن لا یمکن الأخذ بالروایة عند الشك في قابلیة بعض الاعیان المتنجسة للتطهیر أو الشك في کیفیة تطهیرها کما لا یصح الاستدلال بها علی تطهیر الأعیان النجسة.
والحاصل أنه لا یجوز الاستناد إلیها في مسألة قابلیة المضاف للتطهیر وکیفیة تطهیره؛ لأنّ الروایة لیست في مقام بیان هذه الجهة، وانما هي في مقام بیان حکم الطهوریة للماء عند الشك في طهوریة بعض المیاه فیصح التمسك بإطلاقها فیه، کما یشمل اطلاقه الماء الصناعي المکوّن من الجزأین في المصانع والماء المقطر وسائر أقسام الماء.
وأمّا قوله (علیه السلام): «الماء لا یطهّر» کنایة عن عدم تنجس الماء لا عدم امکان تطهیره بعد التنجس کما یظهر منه هذا المعنی عرفاً؛ لأنّ الله جعل الماء طهوراً فهو یطهّر ولا یتنجس. نعم، إنّ العمومات الدالة علی طهوریة الماء کقوله: «خلق الله الماء طهوراً» وما نقل عن العامة بأنّ الماء «لا ینجّسه شيء» قد خصصت بأدلة التخصیص کما لو تغیر الماء أو صار قلیلاً. والحمد لله ربّ العالمین.
[1]– محمد بن یعقوب الکلیني، الکافي، (طهران، دار الکتب الاسلامیة، ط 4، ت 1407ق) ج3، ص1؛ الشیخ حر العاملي، وسائل الشیعة، (قم، مؤسسة آل البیت (علیهم السلام)، ط 1 ت 1409ق) ج3 ص134.
[2]– نقل في وسائل الشیعة عن عدة الاصول للشیخ(ره) عبارتان حول روایات السکوني وبناءً علی کل واحدة منهما تثبت شهادة الشیخ علیٰ عمل الطائفة بروایاته.