بسم الله الرحمن الرحيم
البحث الواحد والثلاثون
الماء المطلق وبقاء الاطلاق بعد التصعید
مسألة 2:
یذكر صاحب العروة(ره) مسألةً: «الماء المطلق لا یخرج بالتصعید عن اطلاقه. نعم، لو مزج معه غیره وصعّد كماء الورد یصیر مضافاً».
التصعید هو التبخیر كما إذا صیّرنا الماء المطلق بخاراً وانقلب البخار ماءً فیطلق علیه الماء بلا قیدٍ ولا إشكال في ذلك كالماء المقطر وان لم ینقلب ماءً بعد التبخیر.
وقد ذكرنا الاحكام المترتبة علی مطلق الماء، وأنّ الماء بلا قیدٍ طاهرٌ ومطهرٌ ولا تختص الطهوریة بالماء النازل من السّماء كي یدعیٰ أنّ الماء الحاصل بالتصعید لیس بماء السماء؛ لأنّ الطهوریة حكمٌ مترتبٌ علی طبیعي المیاه من دون مدخلیة عنوان السماء فیه كما ذكرنا، وقلنا إنّ الطهوریة في صحیحة: «وقد وسّع الله علیكم بأوسع ما بین السماء والارض وجعل لكم الماء طهوراً» هي الطهوریة الاعتباریة ولا تختص بماءٍ دون ماء.
حكم المضاف المصعّد
ثمّ یذكر(ره): إنّ الماء المضاف المصعّد مضافٌ» كما أنّ «الماء المطلق المصعّد مطلقٌ» اي لا ینقلب المضاف ماءً مطلقاً بعد التصعید.
ولكن لا یمكن المساعدة علی ما أفاده(ره) في هذه المسألة بوجهٍ لما تقدّم من ضرورة ملاحظة المناط في الماء المطلق والماء المضاف، وأنّ اطلاق الماء بلا قیدٍ علی الماء المطلق حقیقيٌ، واطلاق الماء بلا قیدٍ علی الماء المضاف یكون من باب التجوز والعنایة، كما أنّ اطلاق الماء وحده علی الوحل تجوّزٌ، واطلاق الماء والتراب معاً علی الوحل اطلاقٌ حقیقي، وحینئذٍ یجب النظر في موارد المضاف المصعّد لعدم صدق المضاف علی المصعّد من المضاف في بعض الموارد، كما إذا امتزج الطین بالماء حتی أخرجه عن الاطلاق فصار واحداً ثمّ صعّدناه وانقلب بعد ذلك ماء، فإنه ماءٌ مطلقٌ قطعاً لعدم تصاعد شيءٍ من الاجزاء الترابیة بالتبخیر أو تصاعد شيءٍ قلیلٍ غیر معتدٍ به من تلك الاجزاء، ولا شكّ أنّ اطلاق الماء علیه حقیقي.
الدلیل علی تطهّر المضاف بالتصعید
یذكر(ره) في المسألة الرابعة: «المطلق أو المضاف النجس یطهر بالتصعید لاستحالته بخاراً ثمّ ماءً». كما لو انقلب الماء المطلق أو المضاف النجس بخاراً وانتقل البخار إلی اناءٍ غیر ما كان فیه الماء النجس وانقلب ماءً فهو طاهر، وعلّله(ره) باستحالته بخاراً، والوجه في ذلك مغایرة البخار للماء النجس وخروجه عن حقیقة الماء عرفاً لأنّ الاستحالة عبارةٌ عن تبدل شيءٍ إلی شيءٍ آخر عرفاً، بحیث یعدان حقیقتان مختلفتان، ولیست الاستحالة تغییر الاوصاف دون الحقائق، والمناط فیه هو حكم العرف لا العقل؛ لأنّ الموضوعات التي حكم الشارع فیها بالتنجس أو النجاسة هي موضوعاتٌ عرفیة.
والأمر كذلك في الاعیان النجسة فإنها تطهر بالتصعید كالبخار المصعّد من البول في الشتاء؛ لأنّ الشارع حكم بنجاسة البول، وأمّا بخار البول فلیس ببولٍ عرفاً، ولا تصدق علیه حقیقة البول عند العرف.
والحمد لله ربّ العالمین.