الأحکام الأربعة للماء المضاف (ج 30)

بسم الله الرحمن الرحيم

البحث الثلاثون

الاحكام الاربعة للماء المضاف

ذكر صاحب العروة(ره) أربعة أحكامٍ للماء المضاف: 1- المضاف طاهرٌ في نفسه 2- لا یرفع حدثاً ولا خبثاً 3- إن لاقیٰ نجساً تنجس 4- إذا كان جاریاً من العالي إلی السافل ولاقیٰ سافله النجاسة لا ینجس العالي منه.

وذكرنا أنّ في الحكم بنجاسة الماء المضاف اشکالٌ في موضعین، الاول: ما إذا كان جریان المضاف عن دفعٍ فیحكم بطهارة الدافع عند تنجس المدفوع؛ لأنّ الأدلة الواردة في انفعال الماء القلیل لا تشمل الماء الدافع، وكذا الروایات الواردة في السّمن والزیت والمضاف الراكد فیخرج الدفع بالقوة عن مدلول هذه الادلة. الثاني: ما إذا كانت المیاه المضافة متعددةً عرفاً وإن كانت متصلةً باتصالٍ ضعیفٍ فهو خارجٌ أیضاً عن موارد الادلة كما تقدم، وكأنّ المشهور حكم بنجاستها جمیعاً عند تنجس أحدها، ولكن لنا كلامٌ فیه.

استثناء المضاف البالغ في الكثرة من الحكم بالتنجس والاشكال فیه

قد استثنی البعض صورةً أخری من الحكم بالتنجس وهي المضاف البالغ في الكثرة وإن كان مجتمعاً في مكانٍ واحدٍ كعیون النفط تحت الأرض فلا تتنجس بمباشرة الكفار لها وسرایة النجاسة إلیها؛ لأنّها بالغةٌ في الكثرة فتخرج عن مدلول الأدلة ویرجع فیها إلی إصالة الطهارة.

لكن لا یتم هذا الاستثناء الذي قال به السید الحكیم(ره) في المستمسك وإن سهّل الأمر في مسألة مباشرة الكفار لآبار النّفط؛ لانه(ره) لا یفتي بنجاستها حین ملاقاتها للنجاسة، ویعلّل ذلك بالكثرة المفرطة فیها.

أقول: إنّ النفط المستخرج بالدفع لا یتنجس بملاقاة النجاسة لما تقدم من عدم تنجس الدافع إذا كان الخروج بالدفع، ولم لا یحكم بالنجاسة لو لاقت الآبار تحت الارض النجاسة بمباشرة الكفار لها أو نحو ذلك؟

فبناءً علی مدلول روایة أبي بصیرٍ الواردة في سؤر الكلب: «ولا یشرب سؤر الكلب الّا أن یكون حوضاً كبیراً یستفیٰ منه» لو فرضنا مخزناً للنفط علی وجه الارض كحوضٍ كبیرٍ ولاقی النجاسة یحكم بنجاسته إذ الروایة استثنت الحوض الكبیر الذي یستقی منه، وماعداه یبقی تحت المستثنی منه، وحینئذٍ لا یخطر فرقٌ في البال بین المخازن فوق الارض والمخازن تحت الارض في التنجس بملاقاة النجاسة، ولا یوجد لدی العرف فرقٌ بینهما، فكلاهما یتنجس بالملاقاة؛ ولذلك تتم فتوی الفقیه بنجاسة المضاف الملاقي من دون فرقٍ بین قلیله وكثیره، إلّا في صورة الجریان بالدفع، سواءٌ كان الجریان من السافل إلی العالي کالنافورة أو من العالي إلی السافل.

اما الأواني والأوعیة المتعددة فقد ذكرنا الكلام فیها وقلنا بأنّ المناط هو الوحدة العرفیة لا الوحدة العقلیة إذ الاتصال مساوقٌ للوحدة عقلاً.

تطهیر المضاف بالتبخیر والاستحالة

ذكرنا أنّ صاحب العروة(ره) ذكر أربعة احكامٍ للماء المضاف، وكأنّما بقي حكمٌ في المضاف لابد من ذكره وهو قوله(ره): «المضاف یطهر بالتصعید لاستحالته بخاراً ثمّ ماءً».

وسیأتي الكلام في مطهریتهما أو أحدهما، والانصاف أنّ التطهیر بالتصعید والاستحالة لا یعد حكماً؛ لأنّ الموضوع ـ وهو المضاف الملاقي للنجس ـ ینتفي بالتصعید والاستحالة، ولیست المسألة من قبیل بقاء الموضوع وتبدل الحكم أو عروض الحكم، بل هي من قبیل انتفاء الموضوع السابق.

والحمد لله ربّ العالمین