أحکام المیاه (ج 44)

بسم الله الرحمن الرحيم

البحث الرابع والأربعون

احکام المیاه

مسألة 6: «المضاف النجس یطهر بالتصعید کما مرّ وبالاستهلاك في الکرّ أو الجاري»[1].

مقتضی المسلکین في استهلاك المضاف المتنجس في الماء المعتصم

والحاصل أنّه یوجد مسلکان في باب استهلاك عین النجس أو المتنجس أو المضاف المتنجس في الماء المعتصم:

الأول: هو تفرق أجزاء الشيء المستهلك وانتشارها في الماء بحیث ینعدم موضوعه عرفاً وینتفي النجس السابق بانتفاء موضوعه.

الثاني: هو التبعیة الحکمیة کما مرّ، وعدم انتفاء الموضوع عند العرف، ووجوده في الماء بالنظر العرفي، ولکنّ المستفاد من الروایات هو طهارة ماء الغدیر (الکر) إن لم تتغیر اوصافه بأوصاف عین النجاسة، ومن المعلوم أنّ المضاف لا یکون أشدّ من البول في الماء فإذا تفرق وتشتت في الماء یحکم بطهارته.

وعلم ممّا ذکرنا أنّ المضاف لا یطهر إذا لم یتفرق ولم یتشتت أجزاؤه في‌ الماء ولم یمتزج به وإن حمل علیه عنوان الماء بالمسامحة؛ لأنه مختلطٌ مع الماء حقیقةً فلا ینتفي نجاسته إلّا بالاستهلاك في‌ الماء، کما أنّ الدهن المتنجس المختلط مع الماء لا یطهر؛ وذلك لعدم امتزاجه بالاجزاء المائیة.

الدلیل علی عدم امکان تطهیر الدهن وغیر المستهلك في الماء من المضافات

المؤید لهذا المعنی بل الدلیل علیه هو الأخبار الواردة في السّمن والزیت المتنجسین. قال أبو جعفر (علیه السلام) في السّمن الذائب: «فلا تأکله واستصبح به والزّیت مثل ذلك» ولو کان السّمن أو الزیت قابلاً للتطهیر لأمر الامام (علیه السلام) بصبه في ماء‌ الکر، ولما أمر بالاستصباح به ولما نهیٰ عن أکله[2]، والدلیل علی عدم امکان التطهیر في هذه الموارد هو عدم انتشار الاجزاء في الماء وعدم صدق عنوان الماء علی المجموع ولذلك یقول العرف إنّ الدهن لا یختلط مع الماء بل یبقیٰ فوق الماء.

دلیل العلامة(ره) علی امکان تطهیر المضافات کلّها

ولکن نقل عن العلامة[3] أنه ملتزمٌ بتطهیر جمیع المضافات، بل حتی السّمن والزیت ونحوهما باتصالها بالماء المعتصم ولا حاجة إلی استهلاکها في الماء، بل یکفي مجرد الاتصال في الحکم بالطهارة، ولعل الدلیل علی ذلك هو الروایة التي نقلها العلامة(ره) في المختلف عن أبي جعفر (علیه السلام) حیث «أشار إلی غدیر ماءٍ‌ وقال: إنّ هذا لا یصیب شیئاً إلّا وقد طهّره»[4]  ومن الواضح أنّ المضاف شيءٌ‌ فیشمله قول الامام (علیه السلام)؛ فإذا اتصل المضاف بماء الکر طهر طبقاً لمدلول الروایة.

وقیل یمکن الاستدلال علی التطهیر بمرسلة الکاهلي[5] الواردة في ماء ‌المطر؛ ینقل الکلیني(ره) عن عدةٍ من مشایخه «عن أحمد بن محمد» والظاهر أنه احمد بن محمد بن عیسی الاشعري القمي «عن علي بن الحکم» وهو من الأجلاء «عن عبدالله بن یحیی الکاهلي» وهو من الأجلاء «عن رجلٍ عن أبي عبدالله (علیه السلام)» والروایة مرسلةٌ «في حدیثٍ قال: قلت: یسیل عليّ من ماء‌ المطر» إلى أن یقول الامام (علیه السلام): «کلّ شيءٍ یراه ماء ‌المطر فقد طهر» والمراد من الشيء هو الشيء المتنجس لا محالة فتدل هذه الروایة علی طهارة السّمن المتنجس بإصابته المطر. هذا ما یمکن أن یقال في وجه الاستدلال بهذه المرسلة. والحمد لله ربّ العالمین.


[1]– السید محمد کاظم الیزدي، العروة الوثقی (بیروت، مؤسسة الاعلمي للمطبوعات، ط 2، ت 1409ق)، ج1، ص29.

[2]– فلا تأکله واستصبح به.

[3]– ذکر العلامة(ره) في تذکرة الفقهاء طریق تطهیر المضاف النجس بعد الکلام فیما یتعلق بنجاسة الماء‌ المضاف وسائر المائعات کالسمن والزیت….

[4]– نقل العلامة(ره) هذه الروایة في کتاب المختلف عن ابن عقیل(ره) ونقلها النوري في مستدرك الوسائل عن العلامة «…».

[5]– الشیخ حر العاملي، وسائل الشیعة، (قم، مؤسسة آل البیت (علیهم السلام)، ط 1، ت 1409ق)، ج1، ص146.